فنذكر الآن ما في قوله من الطعن فأما ما زعم من الشمس وتسخينها للأشياء في أناة وتؤدة فذلك موجود من فعلها وأما قوله إن طبيعة القمر الرطوبة من أجل دنو فلكه من الأرض وقبوله للبخارات التي ترتفع منها فذلك مدفوع عند الحكماء لأن مسافة ما بين وجه الأرض إلى أقرب موضع يكون فيه القمر مائة ألف ميل وثمانية وعشرون ألف ميل وأربعة وتسعون ميلا بالتقريب على أن الميل ثلاثة آلاف ذراع وهذا بين في الكتاب الذي ذكر فيه أبعاد الأجرام العلوية بعضها عن بعض وأكثر ما يكون ارتفاع البخارات عن وجه الأرض في الجو على ما زعم الفيلسوف ستة عشر سطاديا والبسطادي أربع مائة ذراع يكون ذلك ميلين وعشر وثلث عشر ميل فإذا كانت البخارات التي تصعد من الأرض أكثر ما يكون ارتفاعها في الجو ميلين وعشر وثلث عشر ميل وبعد القمر أقرب ما يكون من وجه الأرض مائة ألف ميل وثمانية وعشرون ألف ميل وأربعة وتسعون ميلا بالتقريب فمن أ ين يبلغ بخار الأرض إلى القمر حتى يغير طبيعته وأيضا فإن القمر لو كان يقبل البخارات لغيرت البخارات طبيعته وإذا غيرت البخارات طبيعته لزمه ما يلزم الأجسام السفلية التي تقبل البخارات من الاستحالة والتغيير والفساد فالقمر إذن لا تبلغه البخارات ولا يقبل شيآ منها
Page 350