139

Grand Introduction

Genres

وذلك ظاهر عند العلماء بالطب فأما المرضى فإنما يعرف كثير من حالاتهم من زيادة القمر في ضوئه ونقصانه منه لأن الذين يمرضون في أول الشهر فإن أبدانهم تكون على دفع الأمراض والعلل أقوى والذين يمرضون في آخر الشهر فإن أبدانهم تكون على العلل أضعف فلاختلاف حالات الأبدان في وقت زيادة القمر في ضوئه ونقصانه منه تختلف العلل أيضا فأما حالات المرضى يوما بيوم فإنما تعرف من مسير القمر في كل يوم ومن بلوغه إلى تسديس وتربيع ومقابلة مكانه يمنة ويسرة والأيام التي يكون فيها القمر في هذه المواضع تسمى الأيام المعلومة فمن حال القمر في هذه الأيام يعرف حال المريض

فأما أصحاب البحر والذين يريدون معرفة الأنواء فإنهم ينظرون إلى الاجتماع والامتلاء فيجعلونه كالأصل ثم ينظرون إلى بلوغ القمر من ذلك الوقت إلى هذه الأيام والمواضع المعلومة التي سميناها فيعرفون منها حال الرياح والغيوم والأمطار والحر والبرد فأما شعر الحيوان فإنه ما دام القمر زائدا في ضوئه فإنه يسرع نباته ويغلظ ويكثر فإذا نقص القمر أبطأ نباته ولم يكثر ولم يغلظ

وللقمر فعل في الإنسان الحي أيضا لأنه إذا أطال الإنسان القعود أو النوم في القمر بالليل تولد في بدنه الكسل والاسترخاء وهيج عليه الزكام والصداع وأيضا فإذا كانت لحوم الحيوان له ظاهرة بالليل فإنه يغير رائحتها وطعمها فأما ما كان من الأشياء الحيوانية باردا رطبا أبيض كاللبن والدماغ وبياض البيض وغير ذلك من الأشياء الباردة الرطبة فللقمر فيها آثار بينة لأن الحيوانات تكثر ألبانها في الضروع وتغزر من أول الشهر إلى نصفه ما دام القمر زائدا في الضوء فإذا نقص ضوء القمر نقصت غزارتها ولم تكثر

وكذلك أدمغة رؤوس الحيوان يزيد فيها ويتكون في أول الشهر أكثر مما يتكون في آخر الشهر وكذلك بياض البيض فإن البيض الذي ينعقد في أجواف الطير في وقت زيادة القمر في ضوئه يكون أوفر بياضا وأكثر من الذي يحدث في جوفه في آخر الشهر

Page 336