133

Grand Introduction

Genres

فأما البحار التي لا يتبين فيها المد والجزر فهي على ثلاثة أصناف فالصنف الأول البحر الذي يكون القمر موازيا لأحد شاطئه ولا يوازي الشط الآخر لبعد مسافة ما بين الشطين ويكون الشط الآخر الذي لا يوازيه القمر يلي من الأرض المواضع التي هي غير مسكونة فلا يوجد فيها المد والجزر وذلك كأوقيانس البحر فإنه لا يتبين فيه المد والجزر لاتساعه ولبعد أحد الشطين من مدار القمر ومن العمران ومن مشاهدة الناس له لأن البحر الذي يلي شاطئه العمران يجد الناس فيه المد والجزر وإذا كان شاطئاه لا يليان العمران لا يجدونهما فيه والصنف الثاني الماء الذي يكون شاطئاه معلومين ينتهيان إلى العمران ويكون القمر موازيا له أو قريبا من موازاته ولا يكون له أرجل وجزائر ينبسط فيها الماء فإذا صار القمر إلى الربعين الدالين على المد وحرك مائه فتحرك وتنفس لم يتبين مد ذلك الماء ولا جزره ولكن تكون فيه أمواج ورياح عواصف فإنما يكون ذلك في البحيرات وفي الجزائر وفي أرجل البحار المنقطعة من البحر والصنف الثالث المياه التي ينصب بعضها إلى بعض فإذا كان وقت المد وتنفس الماء العلوي انصب إلى أسفل ولم تتبين زيادته

فأما البحار التي يكون ويوجد فيها المد والجزر فهي البحار التي تكون قريبة من موازاة القمر ويكون مسيرها زمانا من الأزمنة ويكون شاطئاها يليان العمران ويكون لها أرجل وجزائر ينبسط فيها الماء عند المد ويكون الغالب على أرضها الصلابة وكثرة الجبال فإذا كان وقت المد وتنفس ماؤها وفاض وانتشر على شاطئها وبلغ إلى أرجلها وجزائرها فمدت وجزرت كما يمد ويجزر بحر فارس وبحر الهند وبحر الصين والبحر الذي بين القسطنطينية وإفرنجة وغيرها من البحار التي هذه صفتها

فبهذه الأشياء يكون اختلاف حالات البحار في المد والجزر على ما ذكره القدماء ممن نظر في العلوم الطبيعية فقد تبين لنا صفة المياه التي لا تمد ولا تجزر والتي لا يتبين فيها المد والجزر ويتبين لنا أن البحر لا يتنفس من ذاته وأن القمر علة ذلك التنفس وهو المحرك لماء البحر بطبعه

Page 322