والحجة الرابعة في الرد على الذين زعموا أن القمر لو كان علة المد والجزر لكان يجب أن تكون الأودية والأنهار والعيون تمد وتجزر فنقول إن الخاصية التي في الجزء لا توجد في الكل والأودية والأنهار والعيون كالجزء والبحار كالكل فيوجد في الأودية والأنهار والعيون التي هي كالجزء من الخاصية ما لا يوجد في البحار التي هي كالكل لأن مياه البحار واقفة غليظة مالحة ومياه الأودية والأنهار والعيون متحركة جارية لطيفة عذبة فكما أن خاصية الأودية والأنهار خلاف خاصية البحار فكذلك حال أحدهما خلاف حال الآخر وقد ذكرنا فيما تقدم لأية علة لا تكون في المياه الجارية كالأودية والأنهار والعيون المد والجزر الفصل الثامن في اختلاف حالات البحار وفي صفة البحار التي يتبين فيها
المد والجزر والتي لا يتبين فيها ذلك وفي خاصية فعل الشمس في البحار
قد وصفنا المد والجزر وحالاتهما وسنصف الآن البحار بصفة كلية كما وصفه بعض الطبيعيين فإنهم قالوا إن القمر يؤثر في البحار كلها آثارا مختلفة وإنما يتبين في بعض دون بعض لاختلاف حالاتها وحالات مياهها فأما البحار فهي على ثلاثة أصناف أحدها الذي لا يكون فيه مد ولا جزر والثاني ما لا يتبين فيه المد والجزر والثالث ما يكون فيه المد والجزر
Page 318