وعرفت لماذا أراد أن يتخلص من عقلي. أحسست أنه لص يريد أن يختلس شيئا من وراء عقلي.
ونظرت إليه في ترفع وإشفاق. أشفقت عليه فانسحبت من المعركة ترفعا مني من منازلة شخص أضعف مني.
أحسست أنني أقوى منه، بالرغم مما يجر وراءه من متاريس، وبالرغم مما يحوط نفسه به من سدود، وبالرغم مما يدعم نفسه من أسلحة. شعرت أنني لست بحاجة إلى متاريس أو سدود أو أسلحة، فإن قوتي في أعماقي، في ذاتي.
لو أغلقت علي أربعة جدران عالية مع رجل لا أريد أن أعطيه لمسة واحدة من يدي، فلن أعطيه. وإذا أردت أن أعطي الرجل نفسي، فسوف أعطيها له أمام العالم دون تلصص أو اختلاس.
إن إرادتي هي التي تحكمني، وليس المكان أو الزمان أو الناس.
ورأيته يقترب مني مرة أخرى، ووضع يده على يدي، فشعرت ببرودة الجليد تزحف على روحي.
لا شيء يجدي أيها الرجل فأبعد يدك الغريبة عني، إن قلبي يقنع عقلي، وعقلي يقنع جسدي، ولا سبيل لإقناع أحدهم إلا عن طريق إقناع الآخر.
وأمسكت حقيبتي ووقفت.
وسألني في دهشة: هل تذهبين؟
قلت: نعم.
Page inconnue