ودفعتني الأيادي المتزاحمة على الطفل المريض، ووقفت أنتظر والسماعة في أذني حتى تخلو مساحة صغيرة من الجسد النحيل، وارتفعت إحدى السماعات عن صدر الطفل فرأيت مكانها دائرة حمراء محفورة في الجلد المحتقن.
وترنحت السماعة في يدي لا أستطيع أن أضعها على الجسد الملتهب، وشعرت بيدي تهتز بلا وعي، ودفعتني في تلك اللحظة يد قوية، وجرفني الزحام بعيدا عن السرير، واستولى على مكاني طالب على عينيه نظارة سميكة، دس سماعته بسرعة كأنه لا يبصر الدائرة المحفورة على صدر الطفل!
آه!
انطلقت الأنة الضعيفة الواهية من بين شفتي الطفل اليابستين، ضاعت في الزحام الصاخب المتلاطم ولم يسمعها أحد.
وشعرت برغبة في الصراخ بأعلى صوتي، وأحسست بيدي تقاومان عقلي، وترغبان في الانطلاق من عقالهما، وتنهالان ضربا ولطما على هذه الأصابع القاسية الملتفة حول السماعات؛ تبعدانها عن صدر الطفل.
لكني لم أستطع، لم أفتح فمي ولم أحرك يدي. لا زال في رأسي عقل يقظ قوي يؤمن بالعلم، وإله العلم جبار لا يعرف الرحمة. •••
وقف أمامي بساقيه العاريتين المعوجتين يغطيهما الشعر الكثيف، ونظر إلي نظرة اعتراض وقال: هل أخلع السروال أيضا؟
ونظر إليه الأستاذ نظرة جامدة قاسية وقال آمرا: اخلع كل ملابسك! وتطلع المريض إلي في ذعر، وأمسك حزام سرواله في تردد وخوف. ولم يمهله الأستاذ، فاندفع نحوه وشد سرواله إلى أسفل، فأصبح الرجل أمامنا عاريا تماما.
ارتديت القفاز واقتربت منه، وتململ الرجل في خجل واستياء؛ كيف تعريه امرأة وتفحصه؟! وحاول أن يبتعد عني، لكن الأستاذ ناوله صفعة عنيفة على وجهه جعلته يستسلم لأصابعي الفاحصة كجثة ميتة.
إله العلم لا يعرف الرحمة ولا يعرف الحياء.
Page inconnue