فلهلبت الخيل قائلا: شي يا جوني، رنة النقدية أحلى من نغمة المزيكة.
ويمينك شمالك، وقفت أخيرا على بيت الفرح أيضا، ولكن من الخلف أمام باب صغير، نزلت منه بعد هنيهة شابة لا تتجاوز الثامنة عشر ربيعا، من النوع الذي إذا مر على رصيف صولت في الطريق إلى شيكوريل أحدث لجبا وشغبا وتغييرا في هيئة الجالسين، فمن متكلم ساعة لمحها «بلم» ومن سارح تجده قد انتبه ورماها «باللي فيه القسمة» جملة من تلك الجمل التي لو بلعها هو لما هضمتها معدته، نهايته، بنية أدعو لك أن لا تراها أيها القارئ، وأنت أدرى لماذا؟
نظرت إلي طويلا قبل أن تركب كأنها تتعجب من «بحلقة محسوبك» ثم التفتت إلى خادمها قائلة «اركب جنب الأسطى يا فرج» وقفز السوداني بجانبي، وما توسطنا الطريق الخالي بعد كركبة الفرح حتى طلع علينا شاب خفيف الروح والعقل، وفي لحظة كان بجانبها، فأردت أن أقف، ولكني حيثما سمعتها تقول: إخص عليك خضتني يا سوسو، حط إيدك على قلبي شوف بيدق إزاي؟
وأجابها قائلا: آه يا توتو آه، يا قسية، أمال أنا أعمل إيه في قلبي اللي أنت مقطعاه.
طوالي رحت لاهف الخيل كرباج وقلت: شي، دي فيها سوسو وتوتو، الحكاية معروفة.
وابتدأ صاحبنا ينوح ويبكي ويستعطف ويشتكي، ويمد يده فتمانعه، إلى أن قال: والله يا زوزو رايح أبعت نينة بعد جمعة تخطبك.
وكمان رن القسم الكاذب رنت القبلة الأولى، فغمزني فرج مبتسما وبانت لي أسنانه البيضاء، وجرت القبلة تنهيدة و«اتزفلطت» يده حوالي خصرها، فقلت في نفسي: صهين يا حنفي، يا بخت من جمع راسين على مخدة واحدة في الحلال - واخدلي بالك - ووصلنا إلى منزلها، وتحت ستار الليل نزلت ست هانم وفرج وراءها بعد أن التقط اللي فيه القسمة، وسرت قليلا، فأمرني بالوقوف قائلا: انزل يا أسطى اكسر الكبوت، ودور على الكازينو دي باري.
فدهشت حتى إن يدي وقعت على حديدة الكبوت كأنها سمرت. وقلت: دي الساعة بقت واحدة يا بيه، وإحنا حنفرح بك بعد جمعة، ما تاخدها من قصيرها وتروح أحسن، وبلاش خوتة مدام مارسيل الليلة. - أنت عبيط أوي يا أسطى، ودي دخلها إيه في اللي كنا فيه، أنت ما سمعتش إن لذة الهوى في التنقل؟ - لكن دنت اديت كلمة للست وكلام البهوات لازم يكون سجوريا. - وأنت بتدخل ليه فيما لا يعنيك يا مغفل، أما قليل الأدب، أنت بتسوق بإيدك، وودنك عندنا؟ أنت عربجي ولا بوليس سري؟ - مش القصد يا بيه، أنا والله ما خلاني آخد بالي إلا الاسم الأعظم وحلفاناتك، أما أنا مالي أنا عبد المأمور، الحق علي.
وركبته ملهلبه خيلي قائلا: شي على أم مارسيل كمان وأنا مالي. - أنت يظهر إنك مش عاوز تنهي الليلة دي على خير، أنت حتسكت ولا لأ؟
فالتفت إليه قائلا باحترام: أنت يا بيه زعلان علشان بقول إن كلامك لازم يكون سجوريا؟
Page inconnue