Mes mémoires 1889-1951
مذكراتي ١٨٨٩–١٩٥١
Genres
فليؤد كل منا واجبه، وليوجه جهوده إلى تلك الغاية، والله ولي التوفيق.»
حافظ رمضان
عبد الرحمن الرافعي (2) النحاس يعود فيقبل الائتلاف
استمرت مساعي الطوائف والشخصيات البارزة لتوحيد الصفوف، إلى أن كان يوم 9 ديسمبر فكلمني بالتليفون الأستاذ مكرم عبيد «باشا» سكرتير الوفد المصري وصاحب الكلمة النافذة فيه وقتئذ، كما كلم حافظ رمضان باشا، وقال لي: أبشركم بأن فكرة ائتلاف الأحزاب قد لقيت أخيرا النجاح، وأنتما مدعوان باكر لحضور اجتماع زعماء الأحزاب بدار دولة مصطفى النحاس باشا بمصر الجديدة لتأليف الجبهة الوطنية الممثلة للأحزاب، فاغتبطت لهذه البشرى، وأملت من وراء هذا الاجتماع خيرا كبيرا.
تألفت الجبهة الوطنية في ديسمبر سنة 1935 من الوفد المصري، والحزب الوطني، وحزب الأحرار الدستوريين، وحزب الشعب، وحزب الاتحاد، أي جميع الأحزاب القائمة في ذلك الحين، ومن المستقلين. وقد قوبل تأليفها بابتهاج عظيم من الأمة.
وأخذت توالي اجتماعاتها في شهر ديسمبر ويناير بدار النحاس باشا بمصر الجديدة، وكان ممثلو الأحزاب في هذه الاجتماعات هم: مصطفى النحاس، أحمد ماهر، مكرم عبيد عن الوفد المصري، حافظ رمضان وأنا عن الحزب الوطني، محمد محمود عن حزب الأحرار الدستوريين، إسماعيل صدقي عن حزب الشعب، حلمي عيسى عن حزب الاتحاد، ثم حمد الباسل، علي الشمسي، حافظ عفيفي، عبد الفتاح يحيى عن المستقلين.
ويلاحظ أن الحزب الوطني ميز عن الأحزاب الأخرى «عدا الوفد» فقد كان له ممثلان في الجبهة، في حين أن لكل حزب آخر ممثلا واحدا، وكان هذا التمييز تقديرا لحسن بلائه في سبيل الائتلاف وجهاده الماضي الطويل.
تألفت الجبهة الوطنية على أساس إعادة دستور سنة 1923، ثم على أساس آخر انفصل فيه الحزب الوطني عن الأحزاب الأخرى مع بقائه في الجبهة ركنا من أركان الائتلاف؛ وهو العمل على عقد معاهدة بين مصر وإنجلترا طبقا لنصوص المشروع الذي انتهت إليه مفاوضات النحاس-هندرسن في ربيع سنة 1930.
واختيرت لجنة تحرير لوضع صيغة الكتاب الذي اتفقت الجبهة على رفعه إلى الملك فؤاد بإعادة دستور سنة 1923. وقد اجتمعت هذه اللجنة يوم الأربعاء 11 ديسمبر سنة 1935 بنادي المحامين (بشارع فؤاد وقتئذ). وكانت مؤلفة كما يأتي: مكرم عبيد عن الوفد، وأنا عن الحزب الوطني، ومحمد حسين هيكل عن حزب الأحرار الدستوريين، وأحمد كامل عن حزب الشعب، وحلمي عيسى عن حزب الاتحاد.
ولما فرغت اللجنة من تحرير الكتاب عقدت اجتماعا آخر لوضع صيغة الكتاب المزمع رفعه إلى السير مايلز لامبسون (لورد كيلرن) المندوب السامي البريطاني للمفاوضة في عقد المعاهدة، وقد انفصلت عنها في هذا الاجتماع ولم أشترك فيه تنفيذا لما اتفقنا عليه في الحزب الوطني من عدم الاشتراك في خطاب الجبهة الخاص بالمفاوضة.
Page inconnue