30 جنيها في اليوم
ولما رأى الخواجة «روزاتي» صاحب الملهى ذلك الإقبال المتزايد، والتهافت المتوالي، والرقي في «صنف المتفرجين» رأى أن يتبع قاعدة العرض والطلب التي يفهمها «المدردحون» من مهرة التجار، فبعد أن كان رسم الدخول خمسين مليما للعموم، أصبح على درجتين أولى بخمسة عشر قرشا وثانية بعشرة قروش.
ولقد أثبت هذا الارتفاع بعد نظر روزاتي، فإن الإقبال كان كما هو مع تضاعف الإيراد بطبيعة الحال.
وهناك ظاهرة لطيفة بدت للعيان، ذلك أن موعد افتتاح الملهى كان الساعة التاسعة من كل مساء، وكان البرنامج يشمل أشياء غير روايتنا، لذلك لم يكن الستار يرفع للتمثيل قبل الساعة الحادية عشرة، وفي هذا الموعد بالذات كانت المقاعد تمتلئ حتى آخرها، أما قبل ذلك فكنا نشاهد المكان شبه «القاع الصفصف» زي أسيادنا البلغاء ما بيقولوا!!
فهذه الظاهرة السارة، أثبتت لصاحب رأس المال، أن العبد لله كان بمثابة البيضة الذهبية، أو المنجم الذي يدر الربح الحلال، فلقد كان الإيراد اليومي لمسرحه يتراوح بين الثلاثين والأربعين جنيها بعد مصروفاته جميعها وهو مبلغ لم يكن أحد يحلم به!!
هذا من جهة مدير المحل، أما من ناحيتي أنا فقد كنت قانعا بما قسم لي، أنظر بعين الرضا إلى ذلك الربح الذي يدخل خزينة الرجل، معترفا بما طوقني به من جميل لست أنساه، وفضل وجب علي أن أرعاه. ذلك أنني على مسرحه ظهرت، وبين جدرانه اشتهرت. وقد أحس مني هذه العاطفة فتوثقت بيننا صلة الود وتمكنت عرى الصداقة، مما كان سببا في مواصلة النجاح.
اجتماع البائسين سابقا
قلت إننا عودنا الجمهور أن نخرج له في كل أسبوع رواية جديدة، وقد كان في ذلك العمل إرهاق لي فلم يكن في طاقتي أن أمثل وأجري البروفات اليومية، ثم أضيف إلى ذلك مهمة وضع الروايات وتأليفها، فلما شعر الخواجة روزاتي بذلك، بادرني برغبته في أن أنتقي مساعدا يعاونني في التأليف، كي أوقف جهودي على التمثيل ... فنثرت بين يدي كنانة الأصدقاء القدماء، الذين قاسوا معي العناء، وشربوا وإياي كئوس البؤس والشقاء. فكان أن اخترت من بينهم الأستاذ أمين صدقي. وبانضمامه إلينا أصبحت الفرقة تضم من السادة البائسين السابقين أربعة هم محسوب السيادة وأمين، واستيفان روستي، والواد زعرب الذي هو عبد اللطيف المصري على سن ورمح!!
ولما كانت لكلمتي عند روزاتي قيمتها، فقد رأيت أن أبذل «نفوذي» خي يا خي ... في أن أحصل للزملاء الأكرمين على ماهيات ذات شأن يستعينون بها على «قضاء حقوق للعلا قبلهم»!! كما كان يقول الشعراء ويطردون بها كابوس الشقاء القديم. وإنه ليسرني أن أقول بأن مسعاي قد نجح والحمد لله. وإن الأعزاء - بما فيهم استيفان - قد نالوا ما كانوا يشتهون من مرتب مرتفع. وبعدما كان استيفان هو الذي يتوسط لأجلي، انعكست الآية فرددت له جميله يا أفندم وأهي دنيا قلابة .... يوم كده ويوم كده!!
من أجل كشكش بك
Page inconnue