وصلنا باريس في الساعة السادسة من مساء يوم الأربعاء 17 يونيو، ولم نجد في «أوتيل برنسيس» محلا مناسبا للإقامة به، وقد سررت لذلك كثيرا؛ لأن وجودي في هذا الفندق كان يشق على نفسي لعدم وجود والدتي معي في هذه المرة، وقد تعودنا أن نكون معا دائما، فأين هي الآن، وفي أي حال يا إلهي، ومع ذلك فقد أرغمتنا الظروف أن نقضي ليلتنا في هذا الفندق بعد أن عجزنا عن أن نجد أماكن مناسبة في أي فندق آخر.
وإنني أعود الآن إلى مفكرتي الخاصة، لأنقل منها بعض يوميات هذه الرحلة، فمن المؤكد أن ما يكتبه الإنسان من وحي اللحظة يكون له وقع آخر مختلف عما يدونه من ذكرياته فيما بعد.
باريس في 18 يونيو
أمضينا ليلة أمس بأوتيل برنسيس، ثم خرج الباشا صباح اليوم وأجر لنا شقة أوتيل الكونتنتال، فعزلنا في الحال، وها نحن بها والشقة في أول دور تطل على الشارع وعلى الحديقة وقريبة من البلد، ولكن هواء برنسيس أوتيل أنقى وأحسن. وقد خرجنا في الصباح لقضاء بعض مشتريات للأولاد، وبعد الظهر زارتني مدام روس، وبعد العصر ذهبت لزيارة «مدام روبين»، ما ألطف هذه السيدة وما أطيب قلبها، فإنها مثال الوفاء.
الليلة ليلة ميلاد «بثنة». إني أذكر ما قاسيته فيها، ولكن نظرتي لبثنتي تنسيني كل ما مضى، وأسأل الله أن يكافئني ببقائهما وسعادتهما.
الجمعة 19 يونيو
اليوم أتمت بثنة الإحدى عشرة سنة، أشكر الله أن أبقاني لهذا اليوم، فيا ترى أعيش وأراها في سن الحادية والعشرين؟ هيهات أن تسمح صحتي بذلك.
السبت 20 يونيو
سافر الباشا اليوم إلى لوندرة ليرى حسن شعراوي وما يلزمه لإدخاله المدرسة، وتركني مع الأولاد هنا، وكلفني بعمل ما يلزم من مشاورة الأطباء، ولكني أشعر بألم في رأسي وحلقي، وأظنه ابتداء زكام، وأحس بحزن عظيم لا أعلم له سببا إلا اشتياقي إلى والدتي وتألمي لبعادها.
الأحد 21 يونيو
Page inconnue