187

ولا بأعجب من قول آخرين : ان العجز وقع منهم ، واما من بعدهم ، ففي قدرته الاتيان بمثله.

وكل هذا لا يعتد به.

وقال قوم : وجه اعجازه : ما فيه من الاخبار عن الغيوب المستقبلة ولم يكن ذلك من شأن العرب.

وقال آخرون : ما تضمنه من الاخبار عن قصص الاولين ، وسائر المتقدمين ، حكاية من شاهدها وحضرها.

وقال آخرون : ما تضمنه من الاخبار عن الضمائر ، من غير ان يظهر ذلك منهم ، كقوله تعالى : ( إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا ويقولون في أنفسهم لو لا يعذبنا الله ).

وقال ايضا : وجه اعجازه : ما فيه من النظم ، والتأليف ، والترصيف وانه خارج عن جميع وجوه النظم المعتاد في كلام العرب ، ومباين لأساليب خطاباتهم.

قال : ولهذا لم يمكنهم معارضته.

قال : ولا سبيل الى معرفة اعجاز القرآن ، من اصناف البديع التي اودعوها في الشعر ، لأنه ليس مما يخرق العادة ، بل يمكن استدراكه بالعلم والتدريب ، والتصنع به : كقول الشعر ، ووصف الخطب وصناعة الرسالة ، والحذق في البلاغة ، وله طريق تسلك ، واما شأو نظم القرآن فليس له مثال يحتذى ، ولا امام يقتدى به ، ولا يصح وقوع مثله اتفاقا.

قال : ونحن نعتقد : ان الاعجاز في بعض القرآن أظهر ، وفي بعضه ادق واغمض.

Page 189