فلو كان ذا رأيٍ وحسن تثبتٍ ... رسولك يا مظلوم أنجح مُرسلا
لأن رسول المرء لُطفًا برفقهِ ... يُليَّنُ قلب الملك إما تذلَّلا
وإن كان ذا خُرقٍ ونوك فخُرقهُ ... يُخشِّنُ منه الصدرَ أنْ يتفضَّلا
وكُلُّ رسولٍ لا محالةَ مُبلغٌ ... ولو نالهُ سهمُ الردى ما تحمَّلا
١٤٧ - قال صاحب الكتاب: ويقال لا يطمعن ذو الكبر في الثناء الحسن ولا ذو الخب في كثرة الصديق ولا السيئ الادب في الشرف ولا الشحيح في البر ولا الحريص في قلة الذنوب ولا الملك المختال المتهاون في ثبات ملكه
" ١٩٢ " قال أعشى باهلة:
تردى بثصوب الكبر نوكًا وضلة ... ويطمع في حسن الثناء حميد
أخو الخبِّ يرجو أن أكون وديدهُ ... وهل لأخي خبٍّ يكونُ وديدُ
ولم يكُ بالمختارِ للأدبِ الذي ... هو الشرفُ المذكور حين يبيدُ
نفى الحرص عنهُ واستقل وإنه ... من الحوب عاري المنكبين رشيدُ
وأي ضنينٍ يستحقُّ مبرةً ... وأيُّ ضنين حيث كان يسود
وإنك للمختال أبدى تهاونًا ... فأخلق مُلكًا كان وهو جديدُ
١٤٨ - قال صاحب الكتاب: ويقال إذا لم يكن في مملكة الملك قرة أعين رعيته فمثله كمثل زنمة العنز التي يصيبها السخلة فلا تجد فيها شيئًا من الخير
" " ١٩٣ " قال عبد الرحمن بن حسان بن ثابت:
إذا كُنت ذا ملكٍ ولم تُسد طائلًا ... إلينا وكُنا من رعيتكَ اللُّبَّا
نؤملُ يومًا بعد يومٍ ونرتجي ... لفائت أمرٍ مِنك اعجزنا قُربا
فنحنُ رضيعُ العنزِ مَصَّ زنامةً ... وأنَّى لهُ خيرٌ وقد أخطأ الشخبا
١٤٩ - قال صاحب الكتاب: ويقال امور الملك كبيرة ومن يحتاج إليه فيها من العمال والأعوان مثل ذلك ومن يجتمع فيه منهم النصيحة وأصالة الرأي والعفاف قليل والسبيل في ذلك معرفته بهم ثم يتفقد أعمالهم وأمورهم حتى لا يخفى عليه إحسان محسن ولا إساءة مسيء. ثم عليه بعد ذلك أن لا يترك محسنًا ولا مسيئًا بغير جزاء. ولا يقر عاجزًا على عجزه، فإنه إن صنع ذلك تهاون المحسن واجترأ المسيء وتأنى العاجز ففسد الأمر وضاع العمل.
" ١٩٤ " قال سليمان بن هشام بن عبد الملك في الوليد بن يزيد بن عبد الملك حين استُخلف:
حويتَ من المُلك الكثير وأهله ... وتحتاج في أشغاله من يُعاون
فأبب بِنا إن كنت تعلم أننا ... ذوو النُّصح والآراء فيما نُداين
ونحن قليلٌ والعفافُ شِعارنا ... فذلك حظٌ عند مثلك زائن
تفقد بنا الأعمال تبد جليةً ... إساءاتُنا في خفيةٍ والمحاسنُ
فجاز أخا الإحسان منا بفعله ... وذا الشين عاقب بالذي هو شائن
وذا العجز لا تُقرر على العجز إنهُ ضياعٌ إذا أقرته وتهاونُ
فيزداد ذو العجز الركيك تأنيًا ... ويفسد مِنهُ الأمرُ حين يُلاينُ
على أننا لا نستطيع بحيلةٍ ... ولا قدرةٍ رفع الذي هو كائن
١٥٠ - قال صاحب الكتاب: ويقال تنقُّل الناس من بعض المنازل إلى بعض وتركهم ما ألزموه وجرت لهم المعايش فيه والتماس الطبقة السفلى مراتب الطبقة العليا، مضرة للملوك وانتشار من الأمور وفساد من الأدب ومنازعة من اللئيم للكريم والأشياء تجري من ذلك على مثال حتى تنتهي إلى الخطر الجسيم
" ١٩٥ " قال ابن مناذر في غياث بن حرملة الهنائي وكان على الشرطة بالبصرة وكان قبل ذلك شصًا إلى أن قلّد الشرطة:
تنقلتَ من حال لحالٍ مُنابذًا ... لكل الذي ألزمته غير لازمِ
تُحاول علياء المراتب ضلةً ... وكيف سموُّ الراسخِ المُتقادمِ
وقد جرت الأقدار أنك لم تزل ... ولا زلت في ضيقٍ من العيش دائم
وهذا وما حاولت منه مضرةٌ ... على ملك المصرين في كل شائم
فإن هو لم يحمسكَ أصبح نادمًا ... وأنى ارتجاع الفوتِ يومًا لنادمِ
وأمسى ومنه الأمر مُنتشرُ القوى ... ونازع أهلُ اللُّؤم أهل المكارم
1 / 21