يخطب وروى عن جماعة أنهم كانوا يحتبون والإمام يخطب منهم عبد الله بن عمر ﵄ ومثل هذا النهي يبعد أن يخفى على الجماعة فالتوفيق والله أعلم أن النهي محمول على استئناف الحبوة في حال الخطبة لأن في ذلك اشتغالا عن الخطبة بغيرها والصحابة كانوا يحتبون قبلها فيخطب الإمام وهم على ما كانوا عليه من الاحتباء ففعلهم غير الذي نهى عنه.
في التنفل بعد الجمعة
عن أبي هريرة ﵁ قال رسول الله ﷺ: "من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا أو من كان مصليا فليصل قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا".
وروى عنه أن رسول الله ﷺ كان إذا صلى الجمعة صلى بعدها ركعتين ثم أربعا يحتمل أن يكون الأمر بالأربع لمن صلى في المسجد وصلاته ﷺ ركعتين ثم أربعا في بيته بعد انصرافه من المسجد لما روى أن ابن عمر رأى رجلا يصلي ركعتين بعد الجمعة فدفعه وقال أتصلي الجمعة أربعا وكان ابن عمر يصليهما في بيته ويقول كذا السنة.
وعن السائب بن يزيد قال: صليت الجمعة مع معاوية فلما فرغت قمت لأتطوع فأخذ بثوبي فقال لا تفعل حتى تتقدم أو تتكلم فإن رسول الله ﷺ كان يأمر بذلك ففيه إباحة التنفل بعد الجمعة في المسجد بخلاف حديث ابن عمر فالوجه إن الذي حظره ابن عمر هو التطوع بركعتين هما شكل للجمعة في عدتها فنهى عن فعلها في المكان الذي صلى فيه الجمعة كما أمر من يقصد المسجد لصلاة الصبح أن يصلي ركعتي الفجر في بيته ونهى عن أن يصليهما في المسجد والذي أمر في حديث أبي هريرة ﵁ أن يصلي أربعا لأنها من غير شكل الجمعة بعد أن يكون منه الكلام أو تقدم فالحاصل جواز التطوع في المسجد بعد الجمعة بما لا يشبه الجمعة في عددها بعد الكلام أو التقدم والمنع أن يصلي بعدها مثلها في العدد وأمر أن يكون ذلك بعد النصراف عن المسجد فيما سواه من المنازل