Les Miracles du Prophète

Ibn Kathir d. 774 AH
18

Les Miracles du Prophète

Chercheur

السيد إبراهيم أمين محمد.

Maison d'édition

المكتبة التوفيقية

Numéro d'édition

-

Genres

ما قَامَ بِهِ أَكَابِرُ عُلَمَائِهِمْ وَعُبَّادِهِمْ وَقَاتَلَ عَلَيْهِ مُلُوكُهُمْ، وَدَانَ بِهِ جُمْهُورُهُمْ، وَهُوَ دِينٌ مُبْتَدَعٌ لَيْسَ هُوَ دِينَ الْمَسِيحِ وَلَا دِينَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَرْسَلَ رُسُلَهُ بِالْعِلْمِ النَّافِعِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَمَنِ اتَّبَعَ الرُّسُلَ حَصَلَ لَهُ سَعَادَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنَّمَا دَخَلَ فِي الْبِدَعِ مَنْ قَصَّرَ فِي اتِّبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ عِلْمًا وَعَمَلًا. وَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، تَلَقَّى ذَلِكَ عنه المسلمون (من أُمَّتُهُ)، فَكُلُّ عِلْمٍ نَافِعٍ وَعَمَلٍ صَالِحٍ عَلَيْهِ أمة محمد، أخذوه عن نبيهم كما ظهر لِكُلِّ عَاقِلٍ أَنَّ أُمَّتَهُ أَكْمَلُ الْأُمَمِ فِي جَمِيعِ الْفَضَائِلِ، الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ كَمَالٍ فِي الْفَرْعِ الْمُتَعَلِّمِ هُوَ فِي الْأَصْلِ المعلم، وهذا يقتضى أنه ﵇ كَانَ أَكْمَلَ النَّاسِ عِلْمًا وَدِينًا. وَهَذِهِ الْأُمُورُ تُوجِبُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ بِأَنَّهُ كَانَ صَادِقًا فِي قوله: «إنى رسول الله إليكم جميعا» لَمْ يَكُنْ كَاذِبًا مُفْتَرِيًا، فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَا يَقُولُهُ إِلَّا مَنْ هُوَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ وَأَكْمَلِهِمْ، إِنْ كَانَ صَادِقًا، أَوْ مَنْ هُوَ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ وَأَخْبَثِهِمْ إِنْ كَانَ كَاذِبًا، وَمَا ذُكِرَ مِنْ كَمَالِ عِلْمِهِ وَدِينِهِ يُنَاقِضُ الشَّرَّ وَالْخُبْثَ وَالْجَهْلَ؛ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِغَايَةِ الْكَمَالِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ كَانَ صَادِقًا فِي قَوْلِهِ: إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا «١» لِأَنَّ الَّذِي لَمْ يَكُنْ صَادِقًا إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَمِّدًا لِلْكَذِبِ أَوْ مُخْطِئًا وَالْأَوَّلُ يُوجِبُ أَنَّهُ كَانَ ظَالِمًا غَاوِيًا، وَالثَّانِي يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ جَاهِلًا ضَالًّا، وَمُحَمَّدٌ ﷺ كان عِلْمِهِ يُنَافِي جَهْلَهُ، وَكَمَالُ دِينِهِ يُنَافِي تَعَمُّدَ الْكَذِبِ، فَالْعِلْمُ بِصِفَاتِهِ يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِأَنَّهُ لَمْ يكن يتعمد الكذب وَلَمْ يَكُنْ جَاهِلًا يَكْذِبُ بِلَا عِلْمٍ، وَإِذَا انْتَفَى هَذَا وَذَاكَ تَعَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ صَادِقًا عَالِمًا بِأَنَّهُ صَادِقٌ وَلِهَذَا نَزَّهَهُ اللَّهُ عَنْ هَذَيْنَ الْأَمْرَيْنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (١) مَا ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (٢) وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (٤) «٢» وَقَالَ تَعَالَى عَنِ الْمَلَكِ الَّذِي جَاءَ بِهِ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ

(١) سورة الأعراف، الآية: ١٥٨. (٢) سورة النجم، الآيات: ١- ٤.

1 / 22