Les Miracles du Prophète

Ibn Kathir d. 774 AH
15

Les Miracles du Prophète

Chercheur

السيد إبراهيم أمين محمد.

Maison d'édition

المكتبة التوفيقية

Numéro d'édition

-

Genres

الْمَدِينَةِ، وَبِهَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ آمَنَ بِرَغْبَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ، وَلَا بِرَهْبَةٍ إِلَّا قَلِيلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَسْلَمُوا فِي الظَّاهِرِ ثُمَّ حَسُنَ إِسْلَامُ بَعْضِهِمْ، ثُمَّ أُذِنَ لَهُ فِي الْجِهَادِ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ، وَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا بِأَمْرِ اللَّهِ عَلَى أَكْمَلِ طَرِيقَةٍ وَأَتَمِّهَا، مِنَ الصِّدْقِ وَالْعَدْلِ وَالْوَفَاءِ لَا يُحْفَظُ لَهُ كِذْبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَا ظُلْمٌ لِأَحَدٍ، وَلَا غَدْرٌ بِأَحَدٍ، بَلْ كَانَ أَصْدَقَ النَّاسِ وَأَعْدَلَهُمْ وَأَوْفَاهُمْ بِالْعَهْدِ مَعَ اختلاف بالأحوال، مِنْ حَرْبٍ وَسِلْمٍ، (وَأَمْنٍ) وَخَوْفٍ، وَغِنًى وَفَقْرٍ، وَقُدْرَةٍ وَعَجْزٍ، وَتَمَكُّنٍ وَضَعْفٍ، وَقِلَّةٍ وَكَثْرَةٍ، وَظُهُورٍ عَلَى الْعَدُوِّ تَارَةً. وَظُهُورِ الْعَدُوِّ تَارَةً، وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ لَازِمٌ لِأَكْمَلِ الطُّرُقِ وَأَتَمِّهَا، حَتَّى ظَهَرَتِ الدَّعْوَةُ فِي جَمِيعِ أَرْضِ الْعَرَبِ الَّتِي كَانَتْ مَمْلُوءَةً مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَمِنْ أَخْبَارِ الْكُهَّانِ، وَطَاعَةِ الْمَخْلُوقِ فِي الْكُفْرِ بِالْخَالِقِ، وسفك الدماء المحرمة، وقطيعة الأرحام، ولا يَعْرِفُونَ آخِرَةً وَلَا مَعَادًا، فَصَارُوا أَعْلَمَ أَهْلِ الْأَرْضِ وَأَدْيَنَهُمْ وَأَعْدَلَهُمْ وَأَفْضَلَهُمْ، حَتَّى إِنَّ النَّصَارَى لَمَّا رَأَوْهُمْ حِينَ قَدِمُوا الشَّامَ قَالُوا: مَا كان الذين صحبوا المسيح أفضل مِنْ هَؤُلَاءِ. وَهَذِهِ آثَارُ عِلْمِهِمْ وَعَمَلِهِمْ فِي الأرض وآثار غيرهم تعرف الْعُقَلَاءُ فَرْقَ مَا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ. وَهُوَ ﷺ مَعَ ظُهُورِ أَمْرِهِ، وَطَاعَةِ الْخَلْقِ لَهُ، وَتَقْدِيمِهِمْ لَهُ عَلَى الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ، مَاتَ وَلَمْ يَخْلُفْ دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا، وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا، إِلَّا بَغْلَتَهُ وَسِلَاحَهُ وَدِرْعَهُ مَرْهُونَةً عِنْدَ يَهُودِيٍّ عَلَى ثَلَاثِينَ وَسْقًا «١» مِنْ شَعِيرٍ ابْتَاعَهَا لِأَهْلِهِ، وَكَانَ بِيَدِهِ عَقَارٌ يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى أَهْلِهِ، وَالْبَاقِي يَصْرِفُهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، فَحَكَمَ بِأَنَّهُ لَا يُورَثُ وَلَا يَأْخُذُ وَرَثَتُهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ فِي كُلِّ وَقْتٍ يُظْهِرُ مِنْ عَجَائِبِ الْآيَاتِ وَفُنُونِ الْكَرَامَاتِ مَا يَطُولُ وَصْفُهُ.، وَيُخْبِرُهُمْ بِمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، وَيَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ، وَيَشْرَعُ الشَّرِيعَةَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، حَتَّى أَكْمَلَ اللَّهُ دِينَهُ الَّذِي بَعَثَهُ بِهِ، وَجَاءَتْ شَرِيعَتُهُ أَكْمَلَ شَرِيعَةٍ، لَمْ يَبْقَ مَعْرُوفٌ تَعْرِفُ الْعُقُولُ أَنَّهُ مَعْرُوفٌ إِلَّا أَمَرَ بِهِ وَلَا مُنْكَرٌ تَعْرِفُ الْعُقُولُ أَنَّهُ مُنْكَرٌ إِلَّا نَهَى عَنْهُ، لَمْ يَأْمُرْ بشىء

(١) وسقا: حملا.

1 / 19