Le Précieux Lustré expliquant le Diwan d'Al-Mutanabbi
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Genres
Rhétorique
يقول: ارتفعت همتي على كل همة بسببك، وصغر في عيني المال، فلا أعتد باليسار، ولا أقصر على ما أناله من المال، فإنما أطلب معالي الأمور، وارتفاع المحل والمنزلة.
ومن كنت بحرًا له يا عليّ ... لم يقبل الدّرّ إلاّ كبارا
هذا مثل: يعني من كنت مقصوده فلا يرضي بالقليل، ويستصغر الخطب الجليل، وإنما يرضي منك بشرف القدر وجلالة المنزلة.
ورحل سيف الدولة من حلب إلى ديار مضر، لاضطراب البادية بها فنزل حران وأخذ رهائن بني عقيل وقشير والعجلان. وحدث له بها رأي في الغزو، فعبر الفرات إلى دولوك وإلى قنطرة صنجة إلى درب القلة، فشن الغارة على أرض عرقة وملطية وعاد ليعبر من درب موزار فوجد العدو قد ضبطه عليه، فرجع وتبعه العدو، فعطف عليه فقتل كثيرًا من الأرمن، ورجع إلى ملطيه، وعبر قباقب وهو نهر حتى ورد المخاض على الفرات: وهو نهر، تحت حصن يعرف بالمنشار، فعبر إلى بطن هنزيط وسمنين ونزل بحصن الران ورحل إلى سميساط فورد عليه بها من أخبره أن عدوه في بلد المسلمين، فأسرع إلى دلوك فعبرها، فأدركه راجعًا على جيحان فهزمه وأسر قسطنطين بن الدمستق، وجرح الدمستق في وجهه. فقال أبو الطيب يصف ما كان في جمادي الآخرة سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة.
لياليّ بعد الظّاعينين شكول ... طوالٌ وليل العاشقين طويل
شكول: جمع شكل في الكثير وهو المثل، واختار الجمع الكثير في الطول لليالي، ليكون أبلغ في الشكوى، وأدل على عظم الشوق والبلوى وليالي: مبتدأ، وشكول: خبره. وطوال: بدل من شكول، فكأنه قال: ليالي طوالٌ، وإن شئت جعلت طوالا تفسيرًا لشكول، وأضمرت فيه مبتدأ يرفعه: أي هي طوال وتم المعنى عند قوله طوال. ثم ابتدأ فقال: وليل العاشقين طويل.
المعنى: ليالي بعد الأحباء الظاعنين عني كلها مشاكلة في الطول، لا تختلف كليالي سائر الناس؛ لأنها تقصر مرة وتطول أخرى، ثم قال: إن ليل العشاق كذا يكون، وكل عاشق يطول ليله؛ لسهره فيه، وعظم حزنه شوقًا إلى حبيبه. وقيل: أراد أنها مشاكلة في السهر وبعد النوم وفقد الروح والراحة، شوقًا إلى الظاعنين، فهي طوال، لبعد العهد باللقاء وطول المدة، ولا يسلى عني ما بي من الشوق، فهي مشاكلة يشبه أولها آخرها في الشوق إلى الظاعنين.
يبنّ لي البدر الّذي لا أريده ... ويخفين بدرًا ما إليه سبيل
بين: أي يظهرن، والنون فيه، وفي يخفين: لليالي.
يقول: هذه الليالي يظهرن لي بدرًا لا أريده، وهو بدر السماء ولا أشتهيه، ولا أختار النظر إليه، ويسترن عني بدرًا لا سبيل لي في الوصول إليه، وأراد به حبيبه.
وإنما قال ذلك؛ لأنه يراه بالنهار، والغيبة كانت تحصل بالليل، وإنما لا يريد البدر الحقيقي، لأنه ينم إذا سار إلى حبيبه، فلا يتمكن من الوصول إليه في ضوئه. قال ابن المعتز:
ولاح ضوء هلالٍ كاد يفضحنا ... مثل القلامة قد قدّت من الظّفر
وقال بعض الأعراب:
أشكو إليها ثلاثًا لا تلائمني ... منها: العجوز ومنها الكلب والقمر
وما عشت من بعد الأحبّة سلوةً ... ولكنّني للنّائبات حمول
سلوة: نصب على أنه مفعول له، وقيل: على التمييز.
يقول: لا تظن أن بقائي بعد رحيل حبيبي عني هو للسلوة عنه، ولكن هان علي حوادث الدهر وتحمل الشدائد. وقريب منه قول الآخر:
فلو كان قلبي ساعة البين زيرةً ... جرى جزعًا أو صخرةً لتفطّرا
ولكنّه من جوهر لا تحيله ... حوادث صرف الدّهر كيف تنكّرا
ولكن قلبي أشد من الحديد، وأقسى من الصخر؛ فلهذا لم يذب من لوعة الهجر. ومثله لأبي خراش:
فلا تحسبنّي أنّي تناسيت عهده ... ولكنّ صبري يا أميم جميل
؟ وإنّ رحيلًا واحدًا حال بيننا وفي الموت من بعد الرّحيل رحيل يقول: معتذرًا لبقائه بعد فراق الأحبة. إن رحيلهم الواقع، قد حال بيني وبينهم، وبقي رحيل آخر وهو الموت، وسيحصل هذا الرحيل أيضًا أسفًا على فراقهم، فيزيد البعد بيني وبينهم، وتنقطع الأسباب عنا بالكلية.
إذا كان شمّ الرّوح أدنى إليكم ... فلا برحتني روضةٌ وقبول
1 / 297