215

Le Précieux Lustré expliquant le Diwan d'Al-Mutanabbi

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

السحاب: يذكر على اللفظ، ويؤنث على معنى الجمع، فأنث السحاب الأول على المعنى، وذكر الثاني على اللفظ وإقامة القافية. شبه الجيش، والعقبان فوقه، بسحاب يسير تحت سحاب آخر، ثم جعل الأسفل يسقي الأعلى، فجعل الغمام مستقيًا، مع أنه يكون ساقيًا. سلكت صروف الدّهر حتّى لقيته ... على ظهر عزمٍ مؤيداتٍ قوائمه مؤيدات: محكمات، لما جعل عزمه مركوبًا، جعل له ظهرًا وقوائما. يقول: ركبت عزمي وسلكت إليه المؤيدات، مفاوز شديدة، كأنها صروف الدهر. يعني: أني قويت عزمي على قصده، فتكلفت الأسفار حتى لقيته. مهالك لم تصحب بها الذّئب نفسه ... ولا حملت فيها الغراب قوادمه مهالك: بدل من صروف الدهر. والقوادم: ريش الجناح المقدمة، وفاعل تصحب: نفسه، ومفعوله: ذئب. وفاعل حملت: قوادمه، والغراب: مفعوله. والضمير: الغراب. يعني: أن هذه المفاوز مهالك وحشة لا يقدر الذئب على قطعها، ولا الغراب على سلوكها؛ لشدتها. ومثله قول الآخر: مهامة لا يسرى بها النّجم وحده ... ولا الطّيف إلاّ خائفًا يترقّب فأبصرت بدرًا لا يرى البدر مثله ... وخاطبت بحرًا لا يرى العبر عائمه عبر الوادي: شطه. يقول: لما وصلت إليه رأيت بدرًا لا يرى البدر الحقيقي مثله، وخاطبت بحرًا ليس له عبر ولا نهاية غضبت له لمّا رأيت صفاته ... بلا واصفٍ والشّعر تهذى طماطمه الطماطم: جمع طمطمة، وهي ما لا يفهم من الكلام. يقول: لما رأيت صفاته بلا واصف يصفها بحقائقها، غضبت لهذا الممدوح، فبصرت ببدائع شعري، وصار شعر غيري كالهذيان الذي لا معنى له. فكنت إذا يمّمت أرضًا بعيدةً ... سريت فكنت السّرّ واللّيل كاتمه الهاء في كاتمه للسر. يقول: كنت أسير ليلًا مخفيًا سيري، فكنت كأني سر في ضمي الليل، وهو يكتمني عن كل أحد. وهذا البيت من بدائع هذه القصيدة وسيدها، وواسطة قلادتها. لقد سلّ سيف الدّولة المجد معلمًا ... فلا المجد مخفيه ولا الضّرب ثالمه يقول: هو سيف سله المجد، ليضرب به رقاب البخل، فالمجد لا يخفيه والضرب لا يثلم حده. على عاتق الملك الأغرّ نجاده ... وفي يد جبّار السّماوات قائمه أي على عاتق الخليفة، لأنه من جملة أوليائه وأنصار دعوته. وقوله: وفي يد جبار السماوات قائمه أي أنه سيف الله يضرب به رءوس من كفر به وعبد إله غيره. تحاربه الأعداء وهي عباده ... وتدّخر الأموال وهي غنائمه! يقول: إن أعداءه يحاربونه، وهم عباده، يعلمون أنه يأسرهم ويستعبدهم ويجمعون الأموال وهم يعلمون أنه يغنمها! ويستكبرون الدّهر والدّهر دونه ... ويستعظمون الموت والموت خادمه يقول: إن الناس يستكبرون أمر الدهر في تصرفه، وهو أكبر منه قوة! ويستعظمون الموت وهو خادمه! يهلك من يأمره بقتله. وإنّ الّذي سمّى عليّا لمنصفٌ ... وإنّ الّذي سمّاه سيفًا لظالمه يقول: من سماه عليا فقد أنصفه؛ لأنه على المنزلة، رفيع المحل، ومن سماه سيفا فقد ظلمه؛ لأنه أمضى من السيف وأعظم تأثيرًا منه. وما كلّ سيفٍ يقطع الهام حدّه ... وتقطع لزبات الزّمان مكارمه لزبات: أصله تحريك الزاي، ولكنه خففه وسكنه ضرورة: وهي الشدائد. يقول: من سماه سيفًا إنما ظلمه؛ لأن السيف عمله القطع فقط، وربما ينبو فلا يقطع رقاب الأعداء، والممدوح يكشف شدائد الزمان بمكارمه وبجوده فتسميته بالسيف ظلم؛ لأنه أعم منه نفعًا. وقال أيضًا يمدحه وقد عزم على الرحيل عن أنطاكية: أين أزمعت أيّهذا الهمام؟ ... نحن نبت الرّبا وأنت الغمام الربا: جمع ربوة، وهي ما ارتفع من الأرض. يقول: أي موضع عزمت أن ترحل إليه أيها السيد العظيم الهمة؟ فنحن محتاجون إلى مقامك احتياج نبت الربا إلى مطر الغمام، وخص نبت الربا؛ لأنه أحوج إلى سقيا الغمام، ولأن الروضة إذا كانت على ربوة كانت أحسن وأنضر وأخضر. نحن من ضايق الزّمان له في ... ك وخانته قربك الأيّام

1 / 215