أن هذا بخلافِ عادَةِ السَّائل الجاهِل، إِنَّما هذا كلام خبيرٍ بالمسؤولِ عنا، ولم يكن في ذلك الوقت مَن يعلمُ هذا غيرَ رسولِ الله ﷺ " (١).
الحاي بعد العشرين: "الإِحْسَانُ" مصدر أحسَنَ إحسَانًا، ويتعدى بنفسه كـ: أحسنتُ كذا، وفي كذا، إذا حسَّنته، وهو منقول بالهمزة من حسَّن الشيءَ، ومتعدٍّ بحرف الجرِّ، وهو هنا بالمعنى الأول دون الثاني، إذْ حَاصِلهُ راجعٌ إلى: إتقَانِ العِبَادات، ومُراعاةِ حقوق الله تعالى فيها، ومُراقبته، واستحضار عظمته وجَلالته حالَة الشُروع، وحالة الاستمرار فيها.
وأرباب القلوب في هذه المُراقبة على حَاليْن:
أحدهما: غالب عليه مشاهدة الحوق، فكأَنَّهُ يراه. ولعل الشارع أشار إلى هذا بقوله: "وجُعِلَت قُرَّةُ عيْنِي في الصَّلاة" (٢).
الثاني: مَن لا ينتهي إلى هذه الحالة، لكن يغلب عليه أنَّ الحقّ سبحانه مُطَّلِع عليه، ومُشاهِد له، وإليهِ الإشارة بقوله تعالى: ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩)﴾ [الشعراء: ٢١٨، ٢١٩]، وبقوله: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ﴾ [يونس: ٦١] الآية.
وهاتان الحالتان ثَمرةُ معرفَةِ (٣) الله تعالى وخَشْيَته، ولذلك فَسَّرَ الإحسان