Muawiya Ibn Abi Sufyan
معاوية بن أبي سفيان
Genres
وأسبق هذه المراحل وأضخمها مرحلة النزاع بين علي ومعاوية بعد مقتل عثمان ...
فقد اختلفت فيها الأحكام على الرجال والمناقب والأعمال، ولم تنقطع عنا أخبارهم وحوادثهم التي اتفقت عليها جميع الأقوال.
وإذا لم يرجح من أخبار هذه الفترة إلا الخبر الراجح عن لعن «علي» على المنابر بأمر معاوية لكان فيه الكفاية؛ لإثبات ما عداه مما يتم به الترجيح بين كفتي الميزان.
فإن الذي يعلن لعن خصمه على منابر المساجد لا يكف عن كسب الحمد لنفسه في كل مكان وبكل لسان، ولو لم يرد من أخبار تلك الفترة أن معاوية كان يغدق الأموال على الأعوان، ومن يرجى منهم العون لكان لعن خصمه على المنابر كافيا للإبانة عما صنعه لكسب الثناء عليه، وإسكات القادحين فيه، ولكن أخبار الأموال المبذولة لتغيير الحقائق في هذه الفترة تفيض بها كتب المادحين والقادحين، ومن لا يمدحون ولا يقدحون، ولم يعلم أحد مبلغها من الوفرة والجسامة، ولكنها معلومة بالتقدير، وإن لم تعلم بالإحصاء وأرقام الحساب؛ لأنها استنفدت خزانة الدولة، وجرت إلى مضاعفة المكوس
5
والضرائب، ومخالفة العهود لأهل الذمة وحسبان الزكاة من حصة الخزانة التي يستولي عليها ولاة الأمور.
ويبقى عمل النهازين المطبوعين بعد عمل النهازين المأجورين، فإنهم قد تطوعوا في ذلك العصر، وفي العصور التالية؛ لترجيح كفة النجاح المنتفع على كفة المثالية العالية، ولم يخف الأمر على أبناء ذلك العصر كما نشرحه الآن بأساليب علم النفس في الزمن الأخير، فإن الأقدمين لم تفتهم «النفس» بجوهرها، وإن فاتتهم مصطلحات النفسانيين من أبناء القرن العشرين، وقد نفذوا إلى بواطنهم بالنظرة الثاقبة؛ لأنهم أصحاب نفوس تعلم ما تنطوي عليه النفوس. •••
جاء في تاريخ الخلفاء للسيوطي عن الإمام ابن حنبل أنه سأل أباه عن علي ومعاوية، فقال: «اعلم أن عليا كان كثير الأعداء، ففتش له أعداؤه عيبا فلم يجدوا، فجاءوا إلى رجل قد حاربه وقاتله، فأطروه كيادا
6
منهم له.»
Page inconnue