Muawiya Ibn Abi Sufyan

Abbas Mahmoud El Akkad d. 1383 AH
84

Muawiya Ibn Abi Sufyan

معاوية بن أبي سفيان

Genres

فالمطالبة بدم بعثمان إنما كانت قضية قائمة حين كانت لازمة للتحريض على علي وبث الدعوة والتمكين لمعاوية، فلما تمكن واستطاع ما لم يكن في وسع علي أن يفعله سكت عن الثأر وحديثه، إلا ما كان من قبيل الحوار العقيم في المجالس، وقبل من نفسه العذر ضعيفا هزيلا، ولم يكن يقبله قويا معززا بالواقع والبينة ممن لا لوم عليه. •••

ذلك أيسر ما يقال عن حقيقة الموقف من قضية عثمان ومطالبة معاوية بدمه، وكل ما فعله معاوية من نصرة عثمان قبل مقتله وبعده، فهو ثابت النفع لمعاوية غير ثابت النفع لعثمان، ولا نجري وراء النيات وإن كان للمؤرخ حق في النظر إليها قد يحمد منه حيث لا يحمد من القضاء، فإن المؤرخ مطالب بتقويم أقدار الرجال، وتفسير أسرار الحوادث والتعريف بالأخلاق والضمائر، ولا ضر من استقصائه لما وراء الظواهر والدعوات، بل الضرر كل الضرر أن يأخذ بالظواهر والدعوات دون استقصاء.

وقضاء التاريخ في موقف معاوية من عثمان أنه موقف يسقط كثيرا من التهم التي كان يكيلها لخصومه، ويسقط كثيرا من الأعذار التي كان ينتحلها لنفسه، ويوجب على المؤرخ أن ينفذ من وراء التهم والمعاذير إلى تفسير واحد لوقائع الثورة التي ثارها معاوية باسم عثمان، فإن أصدق البواعث لها أنها ثورة في طلب الملك أعوزتها الحجة، فالتمستها من مقتل الخليفة الشهيد.

النشأة والتكوين

ولد معاوية لأبوين عريقين قويين، أخبارهما عندنا قليلة متقطعة، ولكنها من نوع الأخبار التي تدل باللمحة العارضة، ويغني القليل منها عن الكثير في وصف الطبائع والأخلاق، فنعرف منها أي رجل وأي امرأة كان أبواه من الرجال والنساء.

من أنباء الجاهلية عن النساء أن هند بنت عتبة أم معاوية كانت من نساء الأسر التي تعودت أن تستشير بناتها في أمر زواجهن، وقد خطبها اثنان، فقال لها أبوها: «أما أحدهما ففي ثروة وسعة من العيش؛ إن تابعته تابعك، وإن ملت عنه حط إليك، تحكمين عليه في أهله وماله.

وأما الآخر: فموسع عليه منظور إليه في الحسب والنسب والرأي والأريب، مدره

1

أرومته وعز عشيرته، شديد الغيرة لا ينام على ضعة، ولا يرفع عصاه عن أهله.»

فقالت: «يا أبت، الأول: سيد مضياع للحرة، فما عست أن تلين بعد إبائها وتضيع تحت جناحه إذا تابعها بعلها، فأشرت

Page inconnue