الثَّانِي: أَنَّهُ مَحْمُول عَلَى الْأَجْنَاس الْمُخْتَلِفَة، فَإِنَّهُ لَا رِبَا فِيهَا مِنْ حَيْثُ التَّفَاضُل، بَلْ يَجُوز تَفَاضُلهَا يَدًا بِيَدٍ.
الثَّالِث: أَنَّهُ مُجْمَل، وَحَدِيث عُبَادَة بْن الصَّامِت وَأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ وَغَيْرهمَا مُبَيِّن، فَوَجَبَ الْعَمَل بِالْمُبَيِّنِ، وَتَنْزِيل الْمُجْمَل عَلَيْهِ. هَذَا جَوَاب الشَّافِعِيّ ﵀».انتهى كلام الإمام النووي ﵀.
وقال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) في شرح حديث أُسَامَةُ بنِ زيد أَنَّ النَّبِيَّ ﵌ قَالَ: «لَا رِبًا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ»:
«وَالصَّرْفُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ: دَفْعُ ذَهَبٍ وَأَخْذُ فِضَّةٍ وَعَكْسُهُ، وَلَهُ شَرْطَانِ:
مَنْع النَّسِيئَة مَعَ اِتِّفَاقِ النَّوْعِ وَاخْتِلَافِهِ وَهُوَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ.
وَمَنْع التَّفَاضُل فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ مِنْهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَخَالَفَ فِيهِ اِبْن عُمَر ثُمَّ رَجَعَ، وَابْن عَبَّاس وَاخْتَلَفَ فِي رُجُوعِهِ.
وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيق حَيَّانَ الْعَدَوِيّ: «سَأَلْت أَبَا مِجْلَز عَنْ الصَّرْفِ فَقَالَ: كَانَ اِبْن عَبَّاس لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا زَمَانًا مِنْ عُمْرِهِ مَا كَانَ مِنْهُ عَيْنًا بِعَيْن يَدًا بِيَد، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ فَلَقِيَهُ أَبُو سَعِيد - فَذَكَرَ الْقِصَّة وَالْحَدِيث، وَفِيهِ: «التَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ يَدًا بِيَدٍ مِثْلًا بِمِثْل، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ رِبًا»، فَقَالَ اِبْن عَبَّاس: «أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ»، فَكَانَ يَنْهَى عَنْهُ أَشَدَّ النَّهْيِ».
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى صِحَّةِ حَدِيثِ أُسَامَةَ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْن حَدِيث أَبِي سَعِيد فَقِيلَ: مَنْسُوخ، لَكِنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ.
وَقِيلَ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: «لَا رِبًا» الرِّبَا الْأَغْلَظ الشَّدِيد التَّحْرِيم الْمُتَوَعَّد عَلَيْهِ بِالْعِقَابِ الشَّدِيدِ كَمَا تَقُولُ الْعَرَب: «لَا عَالِمَ فِي الْبَلَدِ إِلَّا زَيْدٌ» مَعَ أَنَّ فِيهَا عُلَمَاءَ غَيْرَهُ، وَإِنَّمَا الْقَصْدُ نَفْيُ الْأَكْمَل لَا نَفْيُ الْأَصْلِ، وَأَيْضًا فَنَفْيُ تَحْرِيم رِبَا الْفَضْل مِنْ حَدِيثِ