وليس عندنا تاريخ مفصل عن سمرقند (١)، ولكن الثابت أنها كانت تحتل موقعًا ممتازًا بين الشرق والغرب، أيام الحضارة القديمة، وقد تقلبت عليها مدنيات مختلفة، من صينية وفارسية وتركية وإسلامية. وكان لابد أن يكون لهذا الموقع الممتاز وللمدنيات التي وفدت على الإقليم أثره في أبنائه، وقد كان. فمن ذلك الإقليم خرج - على سبيل المثال - البخاري صاحب الجامع الصحيح، وأبو منصور الماتريدي مصحح عقائد أهل السنة وهو منسوب إلى ما تريد، وهو حي في سمرقند، وآل برهان (ومنهم صاحب المحيط البرهاني) وغيرهم. فمن بلاد هذا الإقليم، كبخارى ومرو وسمرقند، خرج كثير من العلماء الذين أبدعوا وخلدوا بما تركوا من تراث إسلامي نفيس (٢).
وممن نسب إلى سمرقند:
١ - إسحاق بن محمد بن إسماعيل أبو القاسم الحكيم السمرقندي: أخذ الفقه والكلام عن أبي منصور محمد الماتريدي، ولقب بالحكيم لكثرة حكمته وموعظته. وصحب أبا بكر الوراق ومشايخ بلخ في زمانه، وأخذ عنهم التصوف. وقد تولى قضاء سمرقند أيامًا طويلة. وتوفي سنة ٣٤٢ هـ (٣).
٢ - الحسن بن داود بن رضوان أبو علي السمرقندي: درس بنيسابور على أبي سهل الزجاج. وأخذ عنه عن أبي الحسن الكرخي. وكان أحد الفقهاء المتقدمين في النظر والجدل. وقد مات سنة ٣٩٥ هـ (٤).
٣ - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن محمود السمرقندي السنجاري: كان شيخًا كبيرًا وعالمًا متبحرًا. ولد بسمرقند سنة ٦٧٥ هـ وبعد ما بلغ رتبة الكمال ساح في البلاد ثم أقام بماردين ودرس وصنف وأفتى إلى أن مات بها في رمضان سنة ٧٢١ هـ وله كتاب "عمدة الطالب لمعرفة المذاهب" جمع فيه المذاهب الأربعة ومذاهب داود والشيعة (٥).
_________
(١) ذكر في الجواهر المضيئة (٢: ٨٧) أن لأبي حفص عمر بن محمد النسفي (٥٣٧ هـ ـ) كتابًا اسمه "القند في تاريخ سمرقند". ولم نعثر عليه.
(٢) في الفوائد البهية (ص ٢١١) أن أبا نصر الدبوسي منسوب إلى دبوسية وهي قرية بسمرقند.
(٣) الفوائد البهية للكنوي، ص ٤٤.
(٤) الفوائد البهية للكنوي، ص ٦٠.
(٥) الفوائد البهية للكنوي، ص ١٧٥.
مقدمة / 22