211

La Balance des Actions

ميزان العمل

Chercheur

الدكتور سليمان دنيا

Maison d'édition

دار المعارف

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٩٦٤ هـ

Lieu d'édition

مصر

ولو فكّر العاشق في منتهى حسن الذي يعشقه، لم يعشقه، إذ يعلم أن الدنيا حمالة المصائب، كدرة المشارب، تورث للبرية أنواع البلية، مع كل لقمة غصمة، فما أحد فيها، إلا وهو في كل حال غرض لأسهم ثلاثة، سهم نقمة وسهم رزية وسهم منية: تناضِلهُ الأوقاتِ مِنْ كلِّ جَانبٍ ... فَتخطئهُ طَورًا وطَورًا تصيبهُ فمن كان معتبرًا بما يتجدد كل يوم من ارتجاع النعم من أربابها، وحلول القوارع بأصحابها، وشدة اغتمامهم بفقدها، لم يتأسف على فواتها. ولذلك قيل لبعضهم: لم لا تغتم؟ قال: لأني لا أقتني ما يغمني فقده. ومهما أمعن الإنسان فكره في غفلة أرباب الدنيا عن الآخرة وكثرة مصائبهم فيها، تسلى عنها، وهان عليه تركها. وكان بعض الصوفية وظّف على نفسه كل يوم أن يحضر دار المرضى " أي البيمارستان " ليشاهدهم، ويشاهد عللهم ومنحهم، ويحضر حبس السلطان أيضًا، ويشاهد أرباب الجنايات ومجيئهم لإقامة العقوبات، وأيضًا يحضر المقابر، فيشاهد أرباب العزاء وسفهم على

1 / 389