14

La Balance des Actions

ميزان العمل

Chercheur

الدكتور سليمان دنيا

Maison d'édition

دار المعارف

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٩٦٤ هـ

Lieu d'édition

مصر

وأما العمل فلسنا نعني به إلا رياضة الشهوات النفسانية، وضبط الغضب، وكسر هذه الصفات، لتصير مذعنة للعقل، غير مستولية عليه، ومستسخرة له في ترتيب الحيل الموصلة إلى قضاء الأوطار. فإن من قهر شهواته، فهو الحرّ على التحقيق، بل هو الملك. ولذلك قال بعض الزهاد لبعض الملوك: " ملكي أعظم من ملك "، فقال كيف: قال: " من أنت عبده عبدي "، وأراد به أنه عبد شهواته، وشهواته صارت مقهورة له. فعبد الشهوات، العاجز عن كسرها وقهرها، رقيق وأسير بالطبع، لا يزال في عناء دائم وتعب متواتر، إن قضى وطره يومًا عجز عنه أيامًا. ثم لا يخلو في قضائها عن أخطار، وعلائق ومشاق، يضطر إلى تقلدها. فتقليل الشهوات تقليل لأسباب الغموم، ولا سبيل إلى إماطتها إلا بالرياضة والمجاهدة، وهو المراد بالعمل. فإذن العالم العامل أحسن الناس حالًا، عند من رأى السعادة مقصورة على الدنيا. فإن الدنيا ليست تصفو لأحد، وليس يفي جدواها بمشاقها.

1 / 192