وتدخل الروح - إذا تخلصت من هذه الأخطار - في حقل الرحمة؛ حيث تجني ثمار أفعالها الطيبة في الدنيا، وحيث تنال السعادة الأبدية، وفي نهاية الرحلة يصل الملك، وترحب به الآلهة في مسكن السعداء؛ حيث يعيش عيشة إله في حياة أبدية.
والتابوت الذي كان يرقد فيه سيتي موجود الآن بدار الآثار ب لندن، ولما اكتشف كان فارغا، ولم يعثر على جثة الملك حتى سنة 1872م؛ إذ وجدها بعض لصوص المقابر المحدثين (نعني المستكشفين) مخفية في حفرة عميقة بين الصخور، ومعها جثث ملوك آخرين.
وهو الآن في دار العاديات بالقاهرة، وتستطيع أن ترى وجهه وملامحه، ولم تتغير كثيرا عما كانت عليه لما حكم قبل الآن بثلاثة آلاف ومائتي سنة.
وفي هذا المتحف يمكن رؤية تحتمس الثالث أعظم ملك حربي مصري، ورمسيس الثاني مضطهد بني إسرائيل، ومنفتاح الذي كفر بدين موسى، ورفض طلبه بخروج بني إسرائيل من مصر، والذي غرق في البحر الأحمر وهو يطارد عبيده الفارين.
كم يكون عجيبا لو استطاع واحد منا أن يرى الوجوه الحقيقية لأبطال قصة الإنجيل!
لقد كان المصريون يعتقدون أنه إذا مات إنسان تنتقل روحه إلى حياة أخرى، وهي تحب أن ترجع إلى جثمان أرضي، ويسرها أن تستقر في نفس الجسم الذي كانت فيه قبل طلوعها إلى العالم الثاني، وأن هدوء الروح واستقرارها في العالم الثاني يتوقفان - بطريقة ما - على حفظ الجسم سليما.
وطبيعي بعد ذلك أن يوجهوا عنايتهم إلى تحنيط الجثث؛ فكانوا ينقعونها أياما في قار وطيب حتى تحنط، ثم يلفونها في طبقات كثيفة من الكتان.
بهذه الطريقة بقيت الجثث دون أن يصيبها التلف أو التغير، وكأنما كتب لها أن تسكن المتاحف ، وأن يراها من كانوا همجا يسكنون الغابات حين كانت مصر إمبراطورية عظيمة ذات قوة وسلطان.
الفصل الثالث عشر
قدماء المصريين والسماء
Page inconnue