وفي وسط المكان يوجد صفان من الأعمدة التي ترفع السقف، وهي تكون صحن البهو، وحول ذلك ممرات ضيقة مرفوعة سقوفها على أعمدة صغيرة عديدة متراصة.
والأعمدة التي تكون صحن البهو ترتفع فوق رأسك سبعين قدما في الهواء، ورءوسها منحوتة على غرار زهرة مفتحة، ومساحة قمتها تسع مائة رجل.
كيف أحضروها إلى هذا المكان، وكيف صنعوها على هذا الارتفاع العظيم؟
وكانت الأعمدة مغطاة بالنقوش والصور كما قدمنا وكذلك كانت جميع الجدران المحاطة بالبهو، ولكن ليست هذه الصور تمثل الحروب؛ لأن ذلك المكان أقدس من أن يرسم فيه أمثال هذه الصور.
بدلا من ذلك ترى صور الآلهة، وصور الملوك تهدى إليها الهدايا، وهي كثيرة متعددة؛ لأن كل هدية كان يقدمها الملك كانت تنقش صورته وهو يهديها.
وأخيرا نصل إلى قدس الأقداس، وهي حجرة أصغر حجما وأخفض سقفا من البهوين السابقين، والنور لا يجد إليها منفذا، وعلى ذلك فهي في ظلام دامس، ولولا شعاع المصباح الذي يمسكه الكاهن وهو يقودك لما استطعت التقدم خطوة واحدة.
هنالك يوجد المقام المقدس، وهو مأوى يسكنه رأس الإله، وهذا المقام منحوت من الجرانيت، وله أبواب من خشب الأرز، وهي مغلقة دائما.
ولو استطعنا فتحها لوجدنا تمثالا خشبيا كهذا الذي رأيناه محمولا محتفلا به في شوارع طيبة، وعليه أفخر الثياب، وحواليه الهدايا والمأكولات والمشروبات؛ وما ذلك إلا لأنه الخالق لكل ما وصفنا لك من عظمة هذه الأمة القديمة.
ويوجد جيش من الكهنة يقومون بخدمته ليل نهار، يزينونه بالنقوش، ويقدمون له الطعام والشراب والضحايا، يترنمون بمدحه وعبادته.
وخلف المعبد توجد مخازن مفعمة بالحبوب والفواكه والنبيذ، وهي كفيلة بتموين مدينة كبيرة في أثناء حصار عصيب. والإله - فوق ذلك - مالك من أغنى الملاك، له من الأراضي الواسعة ما ليس لنبيل أو عظيم، ويوازي دخله دخل فرعون نفسه، وله جيشه الخاص الذي لا يأتمر إلا بأمره، وكذلك أسطول في البحر الأحمر، ويحمل إليه البخور من الأراضي الجنوبية، وأسطول آخر في البحر الأبيض يورد إليه الملابس وخشب الأرز من لبنان.
Page inconnue