Égypte de Nasser à la guerre d'octobre
مصر من ناصر إلى حرب
Genres
وقد أكد لنا السادات أن هذا هو بالفعل القرار الذي اجتمعت عليه القيادة؛ الرئيس هو أنور السادات، على أن يصبح الدكتور محمود فوزي رئيسا للوزراء. كان فوزي قد عمل مع ناصر (وهو يرضي مصالح القطاع البرجوازي في المجتمع)، ويكون نواب الرئيس هم علي صبري (المجموعة اليسارية) وحسين الشافعي (المجموعة الإسلامية). وهكذا تم إرضاء الجميع.
كانت الشمس تصب نارها بلا رحمة من سماء مصر الزرقاء الخالدة. بدأت الحرارة في الازدياد منذ الصباح. الأول من أكتوبر هو يوم الدفن. سوف يتم نقل النعش وبداخله ناصر بطائرة مروحية إلى جزيرة الزمالك، حيث مقر مجلس قيادة الثورة السابق الواقع مباشرة على النيل. كان الأمر رمزيا. سوف تصل إلى هنا الوفود الأجنبية، وسوف يسيرون في موكب يعبر الجسر إلى الجانب الأيمن من النيل وحتي مبنى اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي، ثم يتجه الموكب إلى الجزء الشرقي من المدينة؛ هليوبوليس، إلى مكان الدفن في مسجد شيد حديثا، ويقع بالقرب من البيت الذي عاش فيه ناصر. على هذا النحو تحددت المراسم.
كانت الظروف المرعبة التي مرت بها القاهرة في الأيام السابقة ماتزال محسوسة وعلى نحو أقوى من ذي قبل. زحام، جماهير غفيرة تملأ الشوارع. كانت المدينة تعج بضجيج لا يهدأ بسبب الملايين من الحناجر الغاضبة. كان تعداد القاهرة وضواحيها يبلغ ثمانية ملايين نسمة، أضيف إليهم مليونان من البشر جاءت بهم قطارات مزدحمة (اعتلى الناس أسطح العربات والجرارات ودرجات السلم).
اصطف في محيط سفارتنا خارج السياج جنود يحملون دروعا من الخشب ويمسكون بعصي في أيديهم (في حالة وقوع هجوم من الجماهير). فكرت، ولماذا يهاجموننا؟ ومن الذي سيهاجمنا؟
كان من المفترض أن يكون الجسر بدءا من ناحيتنا وحتى جزيرة الزمالك معزولا ومفتوحا للمرور للضيوف الأجانب فقط، لكنه كان مكتظا بالناس، الذين كادوا يتدلون من أسوار الجسر. لم يكن من الممكن فعل أي شيء تجاههم، لا صراخ جنود الشرطة ولا التلويح بالعصي. كان البعض يضرب، والبعض الآخر يكتفي بالتهديد. أما الزمالك فكانت تقع على مرمى حجر منا، عبر المجرى الضيق لنهر النيل الذي لا يزيد عرضه هنا على أكثر من 40 إلى 50 مترا.
وصل هيكل ليلتقي بالوفد السوفييتي، وكان مكلفا بمرافقتنا، لكن وفدنا كان معزولا.
كان الجسر الفاصل بيننا وبين الزمالك مقطوعا حتى يبعدوا الجمهور عن الجانب الأيسر للنيل. ظل هيكل والمصريون المرافقون له يواصلون الاتصال تليفونيا دون انقطاع، وفي النهاية، أبلغونا أنهم سيرسلون لنا زورقا وإلا فإننا لن نصل أبدا. قطعنا ما لا يزيد على مائتي متر بواسطة الزورق حتى وصلنا إلى مرسى الزمالك أمام المبنى مباشرة، حيث تقرر أن تبدأ الجنازة منه. خصصوا لنا غرفة مستقلة، ثم جاءنا السادات وعلي صبري وظلوا معنا بالفعل طوال الوقت. ومن حين لآخر كان رؤساء الوفود الأجنبية الأخرى من الرؤساء آنذاك؛ الأتاسي (رئيس سوريا)، مكاريوس (رئيس قبرص)، النميري (رئيس السودان)، بو مدين (رئيس الجزائر)، ديميريل (رئيس وزراء تركيا)، هويدي (رئيس إيران)، إعتمادي (رئيس أفغانستان)، حسين (ملك الأردن)، ريتشاردسون (وزير الصحة في الولايات المتحدة الأمريكية)، عرفات (رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية)، جو مو-جو (ممثل جمهورية الصين الشعبية) وآخرون، كانوا يأتون لتبادل التحية مع ألكسي كوسيجين.
كنا نسمع أزيز المروحية المحلقة فوق رءوسنا، وسرعان ما استدعونا إلى الفناء الداخلي للمبنى، حيث وضع في وسطه نعش خشبي بسيط مغلق وملفوف بعلم الدولة المصرية، وقد أحاط به عدد من الضباط الشبان راحوا يبكون وينشجون بحرقة، وإلى جوارهم عدد من الأفراد في ملابس مدنية. حاول بعض العسكريين إبعادهم بلا جدوى. كان هناك شخص ما يحاول إعادة انضباطهم مصدرا إليهم أوامر ما، لكنهم لم يستجيبوا.
في نهاية الأمر، تلقت الوفود الأجنبية الدعوة للخروج من المبنى إلى الشارع، وهنا سار الجميع فيما يشبه الطابور، لكن أحدا لم يكن بإمكانه أن يلتزم بالنظام، فكان على الوفد أن يجد موطئ قدم. كان وفدنا في المقدمة.
وأخيرا، بدأ موكب الجنازة في السير من يسارنا، مجموعة صغيرة من الجنود يحملون أكاليل الزهور، خلفهم ستة خيول تجر عربة مدفع وضع عليها النعش. كان الجنود السائرون يبكون مثلهم مثل رفاقهم فوق ظهور الخيل. راح الموقف يزداد اضطرابا ومن ثم إثارة للأعصاب حتى أصبح المشهد هستيريا.
Page inconnue