Égypte de Nasser à la guerre d'octobre
مصر من ناصر إلى حرب
Genres
ص167:
يبدي هيكل ملاحظة صائبة حول أن المصريين (السادات ) كانوا يجرون مباحثات مع الزعماء السوفييت حول العلاقات بين البلدين إجمالا، وحول قضايا الحصول على السلاح السوفييتي. صحيح أيضا ما أشار إليه حول أن طلبات المصريين كانت دائما مبالغا فيها، من الواضح أن ذلك كان مرده إلى الرغبة في تبرير مناخ السخط على الاتحاد السوفييتي، الذي دأب السادات دائما على خلقه.
ص168:
لا يلحظ هيكل دناءة ما يكتب. بالفعل كان الوضع غريبا؛ ها هم الجنود السوفييت في حالة الاستعداد القتالي القصوى يعيشون في مخابئ تحت الأرض في صحراء وهم يحرسون بكل يقظة وانتباه سماء مصر؛ ذلك لأنهم يخدمون ضمن قوات الدفاع الجوي للبلاد.
أي تناقض كان يمثله لهم تسكع الشباب المصري وهو يثرثر في دعة ودون مبالاة وعدم اكتراث كل مساء في الإسكندرية الساطعة بالأنوار؟! كان من الصعب علينا أن نشرح لجنودنا وضباطنا كل هذه الأشياء، والأهم الإجابة عن سؤال: لماذا جاءوا بنا إلى هنا إذا كان المصريون يتعاملون مع الخدمة العسكرية، بل ومع الحرب عموما بهذا القدر من اللامبالاة؟!
أما فيما يتعلق بتصريح السادات حول «التعبئة الذاتية» التلقائية للشعب «ما إن تنطلق الطلقة الأولى»، فإن صياح الديكة هذا، للأسف، كثيرا ما يحل محل الاستعداد الجاد العواقب الأعمال الحربية. وفي القاهرة لم يتم بناء مخبأ واحد ليلجأ إليه الناس في حالة وقوع غارات جوية، كما لم يتم إعداد مراكز للإسعافات الأولية. ومن حسن حظ المصريين أن قنبلة أو صاروخا إسرائيليا لم يسقطا على القاهرة. وإنني لعلى يقين أنه لو حدث ذلك لأصاب الناس عندئذ ذعر لا نظير له، بدلا من «التعبئة الذاتية»، ناهيك عن الحرائق الحتمية ووقوع الضحايا وما إلى ذلك. إن الشعب المصري، لم يعرف ما الحرب على حقيقتها، لعل الأقدار تحفظه من هذا الابتلاء الصعب.
ص170:
عبثا يسعى هيكل لإلقاء ظل من الغموض على قرار السادات حول إنهاء مهمة العسكريين في مصر. ها هو يتذرع بالقول إن من المستحيل التصريح بذلك بثقة، إذا كان السادات نفسه لم يقرر أن يزيح الستار عن الأمر بنفسه. حسنا، وماذا عن السادات؟ وماذا وراء هذه الغمغمة؛ فالسادات، تصوروا! «لم يكن سعيدا طوال الشهر الماضي، وكان هيكل يشعر أن ثمة شيئا كان يختمر في ذهنه (السادات)، لكنه لم يكن يعرف كنهه على وجه اليقين»؟
إن هذه «التفسيرات» لا تصلح اللهم إلا للكتيبات الدينية الشعبية. بينما نجد هيكل يدلي برأيه في أكثر القضايا خطورة، وأحيانا ما يخطئ في ذلك.
في رأيي أن هيكل كان يشعر (إذا لم يكن على علم مسبق بالفعل) أن قرار إبعاد العسكريين السوفييت من مصر، الذين جاء بهم ناصر إلى مصر بشق الأنفس، كان أمرا تم اتخاذه من أجل الشروع في اتخاذ خطوة واسعة نحو ملاقاة الولايات المتحدة الأمريكية، إن لم يكن في إطار التآمر معها.
Page inconnue