Histoire de l'Égypte sous le règne du Khédive Ismaïl Pacha
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Genres
تلك القناطر؛ التي كان أقل ما فيها من فائدة إغناؤها عن خمسة وعشرين ألف ساقية وشادوف، وري أربعة ملايين من الأفدنة؛ فكيف بها، وهي، بمنعها استمرار انصراف مياه فرع دمياط إلى فرع رشيد، لانخفاض مجرى هذا عن مجرى ذاك، تمنع الشرق عن كل الأطيان الواقعة شرقي ذلك الفرع؟
تلك القناطر؛ التي بالحال التي هي عليها، وبالرغم من نقصها، كانت محط الإعجاب وموضع الفخار الأبدي.
هذه بالنسبة لمرور كل حكم عباس وسعيد عليها دون أن تنجز أو ترمم، كانت قد أخذت تئول إلى السقوط، وكما قلنا، فاستدعى (إسماعيل) المستر فولر، أكبر مهندسيه، وكلفه بإتمام عملها، حتى يبلغ درجة الكمال؛ وألا يألوا في ذلك جهدا حتى يفرغ منه، مهما كلفه من نفقات، أو استدعى من عمال.
فاشتغل المستر فولر في ذلك العمل ثلاث سنوات، حتى تمكن من إنهائه، وأبرز في سنة 1878 القناطر الخيرية في حلتها القشيبة التي كان (محمد علي) يود أن يراها فيها لتقر بها عيناه.
فقلد (إسماعيل) بذلك، الوجه البحري عامة، منة ليس بعدها منة؛ وأولى البلاد خيرا لو لم يولها غيره، لكفى!
ولكنه لم يقف في عمله عند ذلك الحد، بل ما فتئ يفحر مجاري ترع وينشئ جداول، حتى إنه لم تنقض أيام ملكه إلا وقد خدد منها في الأرض المصرية أكثر من مائتين استدعت حفرا زاد 65٪ على ما أوجبته ترعة السويس، على قول المستر فولر؛ وبلغت نفقاتها ما يقرب من ثلاثة عشر مليونا من الجنيهات؛ وطولها ما يزيد على ثمانية آلاف وأربعمائة ميل؛ كما أثبت المستر ملهل في «الكنتمبورري رڨيو» (أكتوبر سنة 1882)؛ وبلغت مساحتها المائية مائة ألف ميل مربع.
ناهيك بزيادة الآلات الرافعة عما كانت عليه في أيام (محمد علي) زيادة هائلة؛ حتى بلغ عدد السواقي في سنة 1877 ثلاثين ألفا وأربعا وثمانين؛ والشواديف سبعين ألفا ومائة وثمانية وخمسين؛ والتوابيت ستة آلاف وتسعمائة وستة وعشرين؛ والماكينات البخارية أربعمائة وستا وسبعين؛ واشتغل فيها أكثر من ستين ألف حيوان، ومائة وثمانية وخمسين ألف رجل كل مائة وثمانين يوما.
وناهيك بالكباري التي أقامها على تلك الترع وعددها أربعمائة وستة وعشرون كبريا: منها مائة وخمسون في مصر العليا، ومائتان وستة وسبعون في الوجه البحري. علاوة على ثمانية كباري ضخمة أهمها كوبري قصر النيل الفخم، الذي قلما كان له مثيل في تلك الأيام، في العالمين الغربي والشرقي معا؛ وعد من أفخر أعمال العالم الهندسية، وقد بلغ ما أنفق على تشييدها كلها مليونين ومائة وخمسين ألف جنيه!
فأدى هذا جمعيه إلى زيادة ما يقرب من مليون ونصف مليون من الأفدنة، على مساحة الأرض المزروعة في القطر، يربو إيرادها السنوي على أحد عشر مليونا من الجنيهات، ثمن محصولات؛ وتزيد إيجاراتها، في ذلك الوقت، على مليونين.
ولعلمه أن تحسين طرق المواصلات يجب أن يقترن دائما بتحسين وسائل الري، مهد أكثر من ستة آلاف ميل من السكك الزراعية، في القطر عامة، ولا سيما في الوجه البحري، ولمناسبة زيارة الإمبراطورة أوچيني للبلاد المصرية في سنة 1869 أنشأ، في أقل من ثلاثة أسابيع، السكة الجميلة الموصلة من بر الجيزة المقابل مصر إلى الأهرام؛ والمغروسة، على جانبيها، بالأشجار الباسقة التي جعلتها أهم متنزهات سكان القاهرة وأبهاها.
Page inconnue