Histoire de l'Égypte sous le règne du Khédive Ismaïl Pacha
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Genres
فاضطر (إسماعيل) إلى استدعاء مجلس النواب، واستئذانه بربط ضريبة جديدة على كل فدان، قدرها عشرة قروش صحيحة، تدعى «ضريبة الحرب»، وتنفق على تعبئة الحملة وتسفيرها، وإقامتها في مواطن الطعان. ولما وافق المجلس على ذلك، أعدت القوة المطلوبة، ووضعت تحت قيادة الأمير حسن باشا، وأرسلت إلى ڨارنا على السفن الخديوية، يحرسها أسيطيل عثماني، بعد أن دفعت مرتبات سنة برمتها كانت متأخرة للمهندسين الغربيين المتولين زمام تلك السفن، لحملهم على الإقلاع عن اعتصاب لجأوا إليه لنيل دفعها، وهددوا به بتعطيل سير الحملة إلى مقرها.
5
ولسنا نرى لوصف تلك الحملة خيرا من إيراد ما كتبه عنها مراسلا جريدتي «الچورنال دي ديباه»، و«الرپبليك فرنسيز» (جريدة المرافعات، وجريدة الجمهورية الفرنساوية) المرافقان لجيوش تركيا في تلك الحرب.
قال المراسل الأول، مراسل «الچورنال دي ديباه»: «إن العساكر المصرية تامة الملبس والهندام والتجهيز، طرابيشهم حمراء، وسترهم زرقاء كلون السماء، وبنطلوناتهم كذلك، إلا أنها ملفوفة من الأسفل داخل «تزالك» بيضاء، وكلهم مسلحون ببنادق رمنجتن، ولا شك في أن ضباطهم أرقى في معلوماتهم من الضباط الأتراك، وأما جنودهم فلا سبيل إلى قياسهم بجنود الترك، فالطابع الفلاحي بأنفه الأقنى عند قمته والمفطوس عند قاعدته سائد على مجموعهم، ومعظمهم ذوو قامات مرتفعة، ومع ذلك فهم لطاف المعشر، ضاحكو السن، وسيماء الأطفال على وجوههم ومشيتهم. وهم في الواقع أحداث في مقتبل اليفاعة، لم تنبت بعد شواربهم ولحاهم، ولا ينتظر من ضآلة صدورهم أن يكونوا أبطال هيجاء يستطيعون احتمال مصاعب الحروب.»
وقال مراسل «الرپبليك فرنسيز»: «وكان قد وصل إلى ڨارنا منذ بضعة شهور على مراكب حربية فاخرة بضعة آلاف عسكري صغار، خفيفي الأرواح، وجوههم كلون الشوكولاتة، ولباسهم أزرق سماوي، وكانوا من لطف البزة، وحلاوة الشمائل، وظرف الهندام بحيث إن المرء كان يشتهي أن لا يقع مطر لئلا يذيبهم كسكر. وكان يستلفت الأنظار فيهم أن بنادقهم كانت صغيرة وظريفة، ومدافعهم صغيرة وظريفة، والمناديل التي يتفون بها صغيرة وظريفة، وأنهم كانوا تحت إمرة أمير بديع الظرف، يحيط به أركان حرب كلهم ظرفاء، حتى إنه كان يخيل للناظر إليهم أنهم خارجون من علب لعب، مصنوعة في الغابة السوداء، فيتصور بسهولة أن مثل تلك الجنود الحلوة الشمائل لم تكن معدة لتشاطر العثمانيين مشقات الحروب، ولا لخوض غمارها، لأن مظهرها لم يكن يصح أن يجعلها لها، إلا إذا صح أن تكون سيدات قيفات، كيسات، مجعولة لحراثة الحقول.»
6
ولكن الجند المصري - بخلاف ما كان يتوقعه ذانك المراسلان - خاض غمرات الحروب، وشاطر العثمانيين سعيرها ولهيبها، لا سيما في وقعة (پوپ كوي).
فقد كان قصد القيادة العثمانية من قذفها بجناح الجيش التركي الأيسر إلى مهاجمة الروس في تلك الوقعة؛ جعل رجوع هؤلاء من الطريق الماضية من (پوپ كوي) إلى (بييلا) عن سبيل (أوپاكا) و(كرپتسي أورنچيك) و(سنان كوي)، متعذرا، بل محالا، ومنعهم بذلك من اللحوق بالفيلق الروسي الثاني.
ولما كان الأمير حسن حائزا «محظوظية» السلطان الكبرى، علاوة على كونه ابن أمير مصر، ومن ضباط الجيش الألماني، فإن محمد علي باشا قائد عموم القوات العثمانية لم يتردد لحظة في تسليمه قيادة ذلك الجناح، على أنه كان يأمل أن يتخلى الأمير الشاب، الغير زائد عمره على ثلاثة وعشرين عاما عن الإمرة الفعلية للقائد المحنك الجنرال صالح باشا.
وكان غرض صالح باشا هذا دحر الروس من (پوپ كوي)، بينما تقوم فرقة الجنرال ثابت باشا، المعسكرة على الأعالي، (بين بكيرين يني كوي)، (وقره حسن كوي)، بتهديد خط الرجعة عليهم من (بييلا)، وقذفهم على طريق (ترنوڨا).
Page inconnue