347

Histoire de l'Égypte sous le règne du Khédive Ismaïl Pacha

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Genres

ولكنه حدث - لسوء الحظ - أن بعض الشيالين في مصلحة سكة الحديد، من قاطني حي كوم الشقافة بالإسكندرية، اختلطوا بهم لقضاء حاجاتهم، فما كان يوم 11 يونية سنة 1865 - وهو يوم مشئوم، لأنه في مثله من سنة 1882 وقعت بالإسكندرية عينها المذبحة التي أكسبت الثورة العرابية المدنية صبغة الحركة الدينية التعصبية، فأدت إلى تداخل الدول الغربية، لا سيما إنجلترا في الشئون الإدارية المصرية، تداخلا لم يعد في الإمكان إزالته بالتي هي أحسن، وأفقدت العالم الغربي القليل الذي كان لديه من ثقة في مقدرتنا على التجرد، في إرادة شئون بلادنا، من مؤثرات القرون الدينية علينا تأثيرا يخرجنا عن المضمار الذي تجري المدنية الحديثة شوطها فيه - ما كان يوم 11 يونية سنة 1865 إلا وظهرت الإصابة الوبائية الأولى بناحية كوم الشقافة، وتلتها في الحي عينه أربع إصابات في 12 يونية، واثنتا عشرة إصابة في 13 يونية، وأربع وثلاثون إصابة في 14 يونية، وثمان وثلاثون إصابة في 15 يونية.

فهلعت قلوب الإسكندريين، واستولى عليهم الرعب، فزاد ذلك الطين بلة، وبعد أن كان عدد الإصابات قد انحط في 16 يونية إلى 34، عاد فوثب مرة واحدة، وظهرت ثلاث وخمسون إصابة في 17 يونية، منتشرة في عموم أنحاء المدينة، وبدت على الأخص في بيوتها وشوارعها وأحيائها القذرة.

وكان الدكتور كولوتشي بك رئيس «الانتندانس سانيتير» قد أخطر هذه الإدارة بظهور الوباء منذ يوم 12 يونية، فهبت واتخذت الاحتياطات اللازمة، وعرضت نفاذها على الحكومة المحلية، فقامت به خير قيام، وأخطر كولوتشي بك القناصل بالقرارات المتخذة، وطلب منهم المساعدة، فأبدوها بكل ارتياح ونشاط، فنظفت المدينة بسرعة، ورشت الشوارع بغزارة، بل غسلت عدة مرات في اليوم، وأتلفت كل المأكولات التي اعتبرت غير صحية، وشددت المراقبة على المواد الغذائية عموما، وأنشئت ستة مكاتب إسعاف اشتغل العمال فيها ليلا ونهارا بالمناوبة، وبدون انقطاع، ولم يأل أطباء الحكومة والأطباء الأجانب المتطوعون معهم ورجال «الانتندانس» جهدا في القيام بواجباتهم، حتى استحق جميعهم ثناء الصحافة والعموم عليهم.

غير أنه تعذر في بادئ الأمر إنقاذ المصابين من الموت - لأن الإصابات كانت صاعقية - ولا أمكن حصر الوباء، بالرغم من كل الاحتياطات التي اتخذت، ولو أن عدد المصابين في البيوت والشوارع والأحياء التي استعملت فيها الوسائل الصحية بحكمة واستمرار كان قليلا بالنسبة لغيرها.

فبعد أن كان الكوليرا لغاية 17 يونية قاصرا على الإسكندرية، لا يفارقها، سرى في ذلك اليوم، فأصيب به في أبي قير بحري، وفي طنطا امرأة، قدما إلى البلدين من الإسكندرية، وظهرت أعراضه في مصر على ستة أشخاص منهم خمسة قادمون من السويس، وواحد من الإسكندرية.

ثم تفشى بسرعة غريبة بمصر السفلى والوسطى، وانتقل أخيرا إلى بعض أنحاء الصعيد، ولوحظ أنه أصاب - على الأخص - البلدان والبيوت الواطئة، فبينما أفقد من قريتين متجاورتين مبنيتين على أرض تستوي مع المحمودية عشر سكانهما، فإنه لم يصب إلا واحدا فقط من أهالي بلدة أبي طاحون الستمائة. وكان أعصب أيامه يوم 3 يولية بالإسكندرية، وبلغت الوفيات فيه 228، ويوم 5 يولية بمصر، وبلغت الوفيات فيه 468، ويوم 29 يونية برشيد، وبلغت الوفيات فيه 279، ويوم 5 يولية بدمياط، وبلغت الوفيات فيه 172، ويوم 7 يولية بالمنصورة، وبلغت الوفيات فيه 35، ويوم 24 يونية بطنطا، وبلغت الوفيات فيه 96، ويوم 27 يونية بالزقازيق، وبلغت الوفيات فيه 105.

وأما متوسط الوفيات يوميا به فقد كان

في الألف بالإسكندرية، و

في الألف بمصر، و

في الألف برشيد، و

Page inconnue