Histoire de l'Égypte sous le règne du Khédive Ismaïl Pacha
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Genres
فحالما وصل نوبار التصريح بالسفر، هب وباع الزائد من أمتعته ورياش منزله، واستأجر مركبا واسعة، وشحنها بالنفيس الذي احتفظ به من تلك الأمتعة والرياش، ونزل فيها مع قرينته وآله، وسافر في النيل قاصدا الإسكندرية.
ولكنه ما كاد يبتعد عن شبرا بضعة أميال إلا وقابل مركبه رفاص بخاري فيه (عباس) عينه، فحياه نوبار من فوق ظهر مركبه تحية رعية مخلصة، واستمر في سيره، وإذا بقارب بخاري قد انفصل عن الرفاص ودنا من المركب ، ودعا نوبار إلى المثول بحضرة الأمير.
فاعتقد من في المركب وقرينة نوبار ونوبار نفسه أن ساعته الأخيرة دقت، وأن (عباس) لملق به في قاع اليم طعاما للأسماك، غير أنه تجلد وذهب رابط الجأش باسم الوجه، وصعد إلى الرفاص، وقصد توا إلى (عباس) وحياه بكل احترام.
فسر (عباس) لشجاعته الأدبية، وانشرح صدره له، فابتسم في وجهه وقال: «إنك إذن قد صممت نهائيا على ترك خدمتنا!» فأجاب نوبار: «إني خادم الأمير ما حييت ما دام للأمير رغبة في خدمتي له!»
فسري عن (عباس) بالمرة وقال: «إني يا نوبار أفندي لا أستغني عن خدمتك، وبما أني في حاجة إلى ثقة أرسله إلى ڨيينا في مهمة تخصني، فاستمر على سفرك، واذهب إلى ڨيينا رأسا، وانتظر هناك أوامري.»
فشكر نوبار وعاد إلى مركبه، وصدع بما أمر به عن طيب خاطر، فأقام في ڨيينا مدة اكتسب فيها عطف البرنس دي مترنيخ الذي كان في ذلك العهد عميد السياسة الأوروبية.
وبينما هو في انتظار الأوامر التي وعده بها (عباس) إذ وافاه نبأ قتله، وأتاه استدعاء من خلفه بالعودة إلى مصر، فعاد إليها ليشغل لدى الأمير الجديد منصب كاتم أسراره، فما لبث (سعيد) أن أنعم عليه بلقب «بك»، وجعله مدير مصلحة السكك الحديدية.
فوقعت كارثة كفر الزيات ونوبار في هذا المنصب، فذهب فريق من الألسنة النمامة في تلك الأيام إلى أن تلك النكبة إنما دبرت باتفاق بين ولي العهد الجديد ومدير السكة الحديد لإزالة الأمير أحمد باشا من سبيل العرش الرامية إليه مطامع (إسماعيل)، وذهب فريق آخر إلى أن الذي دبر تلك المكيدة بالاتفاق مع نوبار إنما هو (سعيد باشا) نفسه لرغبته في التخلص من أحمد باشا ابن أخيه، ومن حليم باشا أخيه.
ولسنا نرى أنفسنا في حاجة إلى تكذيب الإشاعتين معا بعد أن كذبهما التاريخ على لسان أشهر الثقات من الرواة، فعلاوة على أن (سعيدا) و(إسماعيل) لم يكونا بالرجلين اللذين يقع في خلدهما ارتكاب مثل هذه الفظيعة - وقد قال (سعيد) بحزن لما علم بالنميمة لإدون دي ليون قنصل أمريكا: «هل عبدك كلب لاقتراف مثل هذا الجرم؟»
4
Page inconnue