Histoire de l'Égypte sous le règne du Khédive Ismaïl Pacha
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Genres
غير أن الأبهة والبذخ لم يظهرا في المباني بعشر مقدار ما تجليا في تنسيقها وتجميلها من الداخل، وفي تأثيثها بالرياش الفاخر، فالرخام وحده الذي استعمل في تنميق تلك السرايات وتزيينها كلف عدة ملايين من الفرنكات، وبلغت نفقة النقوش والرسوم الداخلية في سرايات الجيزة والجزيرة وعابدين نيفا ومليونين من الجنيهات، واستنفدت البساتين التي أنشئت حولها، وكثرت فيها أنواع الأشجار الغريبة الثمينة، وأجناس الأزهار والرياحين والورد، والجبلايات الصناعية، والفساقي، والبحيرات بأسماكها المتعددة الأنواع، نيفا وأربعين مليونا من الفرنكات.
وأما الرياش والفرش، فحدث عن البذخ والترف فيهما ولا حرج، فقد بلغت تكاليف الستارة الواحدة نيفا وألف جنيه، فما بالك بالطنافس النادرة، والأبسطة الثمينة، والأرائك الذهبية، والمرايات البلورية الصافية، ببراويزها الغالية، والزهريات النفيسة، والكراسي العاجية، والمقاعد المطعمة بالصدف، والمحلاة باللؤلؤ والمرجان، والطاولات الفضية الخالصة، والنجف الفخم الضخم ذي الخمسمائة والألف فنيار، والذي كان، إذا ما لعب النسيم بين بلوره المتدلي، فصدم بعضه بعضا، رن رنينا لذيذا شبيها برنين تمثال «ممنون» في خرائب طيبة القديمة، عندما كانت تسطع عليه أشعة الشمس المشرقة! وما بالك بالآنية الفاخرة الكثيفة والمختلفة، الذهبية والفضية، والخزفية البديعة الصنع، والمرقوم عليها كلها بماء الذهب حرف
I ، وهو الحرف الأول من اسم (إسماعيل) بالفرنجية، وبالمجوهرات العديمة المثال من ماس ودرر وياقوت، وزمرد وزبرجد، وفيروز، وخلافها مما كان يقدر ثمنه بنيف وأربعة ملايين من الجنيهات، ما بالك بالتحف والأسلحة المتنوعة قديمها وحديثها، ومنها التاريخية، التي لا يقدر لها ثمن، والفريدة في نوعها، التي لا سبيل إلى الحصول على مثلها، ولو بذل فيها مال قارون!
وماذا نقول عن عدد سكان تلك القصور، وعما كانوا يستنفدونه يوميا من المآكل والمشارب؟ يكفينا في تحويل قوة المخيلة إلى تصوره ذكر أنهم بعد صيرورة العرش إلى (توفيق الأول) عدوا الذين كان يخرج لهم الغذاء من سراي عابدين وحدها، فإذا بهم عشرة آلاف!
وماذا نقول عن عدد الجواري من بيض وسود وحبشيات، اللواتي كان (إسماعيل) يزوجهن سنويا من ضباطه ورجاله وموظفي حكومته، فلا يكتفي بإمهار الواحدة منهن المال الوفير، بل يقطعها الطين الواسع، ويرتب لها على خزينته الخصوصية المصروف الشهري الوافي، أو المعاش الكافي - على أن كثيرات منهن طلقن بعد سقوطه.
ألا قد صدق حقا من قال: «إن ملك (إسماعيل) - وكل مظهره سلسلة أعياد وأفراح غير منقطعة - إنما كان حلما من الأحلام، حققته الأيام، ورواية في أسفار التاريخ قد لا تصدق صحتها الأحلام.»
5
الباب الرابع
المساعدون على نفاذ الخطة
الفصل الأول
Page inconnue