Histoire de l'Égypte sous le règne du Khédive Ismaïl Pacha

Élie l'Ayyoubide d. 1346 AH
177

Histoire de l'Égypte sous le règne du Khédive Ismaïl Pacha

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Genres

وأخلفه على وظيفته منسه بك - وسوف يأتيك نبأ عنه - ومنادييه بك، وغيرهما دونهما شهرة.

وأما المراقص التي أقيمت في المسرحين، وابتهج بها الجمهور، فأهمها المعروفة بأسماء «براهما» و«جزيرة الغرام» و«الجيوكولييرا» و«فليك وفلوك».

وأما الليالي الراقصة التي أدخلت عادتها السنوية إلى نظام الحياة القومية المصرية، فقد كان الخديو يحييها عادة في سراي عابدين، في منتصف فصل الشتاء، ويدعو إليها، علاوة على رجال معيته وكبار موظفيه، نيفا ومائة وخمسين من وجوه العاصمة وسراتها، وذوي الحيثيات من رجال الجاليات الغربية، فكنت تجد جميع طبقات الهيئة الاجتماعية المصرية الرفيعة وجميع الأمم الأوروبية ممثلة في أولئك المدعوين.

وكان (إسماعيل) يستقبل وفودهم، ابتداء من الساعة التاسعة مساء، في أحد أجنحة السراي، بلطفه المعتاد، وبشاشته المألوفة، ويحادثهم فيما يهمهم، أو يرتاحون إليه، حتى الساعة العاشرة، فيقدم، حينذاك، ذراعه إلى عقيلة أقدم القناصل عهدا، أو أكبر المدعوين مقاما، ويسير بها وبالجمع إلى قاعة فسيحة، معدة لسماع نوبة العزف، فيسير الأمراء، أولاده الثلاثة، وراءه، وعلى ذراع كل منهم سيدة، ويتبعهم الملأ، كل مع السيدة التي تسمح له المألوفات القومية باختيارها، فيحضر الجميع النوبة ساعة، ثم ينتشرون في الحجر الأخرى، زرافات زرافات، وأزواجا أزواجا، ويغتنم الخدم فرصة خلو القاعة، لنزع معالم نوبة العزف منها، وتحويلها إلى قاعة رقص فخمة، وعندما يفرغون من ذلك، تصدح الموسيقى، فيعود المدعوون إلى القاعة، ويبدأ الرقص ويستمر، حتى بعد نصف الليل، في حضرة الخديو والموظفين الخديويين المرتدين ملابسهم الرسمية الساطعة، والمتلألئة صدورهم بالنياشين، التي حلتهم بها كفاءاتهم، أو الإنعامات العالية. على أن ما من أحد منهم كان يرقص، سوى الأمراء الثلاثة توفيق وحسين وحسن، أولاد الخديو؛ لأنهم كانوا، دون غيرهم، متعلمين ضروب الفن، وكان حسين أكثرهم غراما به، وأكبرهم اندفاعا مع تياره، وأقلهم تأثرا بالتعب الناجم عن المجهود المبذول فيه.

فإذا انتصفت أول ساعة بعد نصف الليل، فتح الخديو المقصف، فيسير إليه المدعوون، زرافات زرافات، ويأكلون أشهى الطعام، ويشربون ألذ المدام، مريئا هنيئا، والموسيقى تعزف حولهم، حتى ساعات الفجر الأولى؛ فينصرفون حينذاك، مودعين من الخديو ورجاله، بما قابلوهم به من بشاشة وإكرام.

ولم يكن (إسماعيل)، لا سيما في أيام ملكه الأخيرة، يحب هذه الحفلات أو يميل إلى إحيائها، لمجرد لذاتها، فإنه كان يعتبر أوقاته أثمن من أن يصرفها في الأخذ بأسباب تلك الملاهي، ولكنه كان يحبها عملا برأي رجل السياسة الشهير القائل: «إن البطن خير طريق إلى القلب!» ورغبة منه في أن تكون تلك الليالي مواسم تستفيد رعيته منها بما تلزمه احتفالاتها من حركة في ميداني التجارة والصناعة.

وأما السباقات، فإن الخديو كان يحييها، في عاصمتي ملكه، على نفقة جيبه الخاصة، ويدعو إليها من شاء من الوجهاء والأعيان والنزلاء الأجانب، فيقدم لهم المرطبات والحلوى والفواكه المتنوعة، فكانت الدعوة إليها تعتبر منة وشرفا يرفعان من قدر المدعو؛ ولذا، فإن السراة كانوا يتسابقون إليها، فضلا عن السوقة والعامة، للتفرج عليها من بعيد، ولما كانت المقامرة أساسها - وطبع الإنسان مقامرا - فإن ازدحام الأقدام في تلك السباقات كان شديدا، غير مألوف إلا في الاحتفالات الدينية؛ بالرغم من أنها كانت تقام، من العاصمتين، على بعد يلزم قاصدها باحتمال مشقة، فسباقات مصر كانت تحيا في العباسية؛ وسباقات الإسكندرية في القباري، أولا، ثم ما بين الحضرة وسيدي جابر، حيث أقيم، فيما بعد، ناديها الحالي، على الأرض التي باعتها له دائرة الأمير إبراهيم باشا، زوج الأميرة زينب هانم بنت (إسماعيل) العزيزة المفضلة، وكلتا الجهتين، بالنسبة لعدم وجود خطوط ترامواي أو سكة حديدية توصلهما بالعاصمتين، كانتا قصيتين، علاوة على كونهما رمليتين، وأن الطريق إليهما كانت تربة عثيرية.

وكثر اقتناء السراة الخيول، لتدريبها على الجري، عساها تفوز في تلك السباقات؛ وبلغ من اهتمامهم بها أن علي شريف باشا، صاحب السراي الكبيرة المشهورة بشارع عبد العزيز، المؤجرة الآن إلى راهبات المحبة، ورئيس محكمة مصر التجارية في ذلك العهد - وكان من أكبر غواة تلك الخيول - لم يكد ذات صباح يفتح جلسة محكمته إلا وأتاه سائسه، وهمس في أذنه أن جواده الفلاني - وكان من أحسن خيوله - مريض جدا، يخشى عليه، فنهض علي باشا مذعورا، وأعلن رفع الجلسة، وترك القضاة والمتقاضين، وذهب ليعول جواده المريض!

23

وكانت السباقات تقام، عادة، كل خمسة عشر يوما؛ ومعظم «الجوكز» أي: راكبي الخيول، فيها من السودانيين، وإلا فإنجليز، وأهم سباقات عهد (إسماعيل) السباق المقام في اليوم السادس عشر من أيام الأفراح، التي أحييت مهرجاناتها أربعين يوما، احتفالا بزواج الأمراء محمد توفيق وحسين وحسن والأميرة فاطمة هانم، أولاد الخديو في سنة 1873 فإن «الجوكز» فيه، كانوا مرتدين ملابس حريرية، وفاز منهم راكب جواد للخديو عينه، يقال له: «قباري» وراكبو جياد نظير أغا، وعلي شريف باشا، وإسماعيل بك، وامتاز ذلك السباق عن غيره، بأن هجنا جرت شوطا فيه؛ وبأن مقصفه كان من أفخر ما يقع في خلد بشر أو تراه عين؛ وأن المدعوين إليه كادوا يغطون بعددهم وعديدهم صحراء العباسية على اتساعها.

Page inconnue