Histoire de l'Égypte sous le règne du Khédive Ismaïl Pacha

Élie l'Ayyoubide d. 1346 AH
174

Histoire de l'Égypte sous le règne du Khédive Ismaïl Pacha

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Genres

زيادة على تضافر الدائنين الأجانب بتعضيد دولهم، لا سيما إنجلترا وفرنسا وألمانيا، وتعنتهم في أن تدفع لهم فوائد الديون المطلوبة لهم، ولو بإرهاق الفلاح المسكين، وتحصيل الأموال منه سلفا؛ أو بحرمان موظفي الحكومة ومستخدميها من صرف مرتباتهم لهم، أشهرا متوالية؛

15

وقدوم جملة مفكرين شرقيين إلى مصر، وأخصهم بالذكر جمال الدين الأفغاني، وأديب إسحق السوري، وقيامهم يبثون تعاليمهم الحارة في المجتمعات والجوامع والكتب والصحف، من جهة سادسة وأخيرة - كل هذا أوجب تطورا هائلا في الأفكار، وأنجب قيام عدة آمال سياسية في القلوب، ظهر وجودها جليا: (أولا): بما سبق لنا ذكره من جميعات سياسية. (ثانيا): بالفتنة العسكرية التي أدت إلى سقوط الوزارة النوبارية. (ثالثا): بالحركة القومية التي أعقبت إلغاء قانون المقابلة. (رابعا وأخيرا): بالعريضة التي قدمتها الشبيبة المصرية إلى الخديو (محمد توفيق) في أوائل أيام ملكة، والتمست فيها، بلهجة عدائية للغربيين، منح القطر جملة إصلاحات، دعتها «حيوية» له.

وأما اجتماعيا، فإن الملابس والأزياء تغيرت. أولا فترك النساء، في المدن والبنادر، اليلك، والسلطة، والحزام الكاشميري، والطاقية الحمراء الصوف، الموضوعة عدة مناديل عليها، والقرص بما كان يتجلى عليه من حلي ومجوهرات؛ بل ترك معظمهن ذات الضفائر والصفا؛ وتركن الخف والبابوج؛ وأقبلن يلبسن، في داخل منازلهن، الجلابيب والفساتين، مفصلة، لسيدات الطبقة العليا، على المودات الغربية؛ ويضعن الطرح البسيطة على رءوسهن؛ ويلبسن الجوربات في أرجلهن، وفوقها الشباشب، فإذا خرجن لبسن لباسا إفرنجيا من فوقه السبلة، والحبرة واليشمك؛ وأحذية غربية من ذات الكعوب العالية؛ وأقدمن - علامة محسوسة ظاهرة للتطور الحثيث السائر - على أن يصورن، تصويرا فوتوغرافيا، وهن أيضا بملابس إفرنجية؛ وعلى تكبير صورهن الفوتوغرافية، بل على التصور تصورا زيتيا، بوقوفهن أمام مهرة المصورين من الغربيين ، بعد أن كن أضن على غير أزواجهن برؤية وجوههن وقوامهن، من البخيل بديناره العزيز، على السائل.

قال إدون دي ليون: من أغرب الأشياء في موجودات سرايات المفتش «صورة كبيرة جدا، موضوعة في إطار ثقيل مذهب، تمثل ابن المفتش وعروسه - وكانت ربيبة زوجة الخديو الثانية - في قديهما وقامتيهما، فإنها كانت من النوع الذي ينتظر المرء وجوده في قصور الملوك، وبما أن كلا المتصورين لم يكن في لباس شرقي، فإن المشابهة كانت أتم. أما هو، فكان جالسا، مرتديا لباسا إفرنجيا ومكشوف الرأس، وأما هي، فكانت واقفة في كساء غربي من المحتمل الأزرق الثمين، مفصل ومطرز على آخر اختراع الجيل، وعلى رأسها إكليل من ماس يشبه تاجا، يظنها رائيها من صميمات الفرنجيات!»

16

وترك الرجال في المدن والبنادر، أيضا، لا سيما الموظفون، اللباس المغربي والطربوش المغربي، اللذين نراهما على (محمد علي باشا) و(إبراهيم باشا) و(سعيد باشا) في صورهم الرسمية المرسومة في المكتبة المصرية وغيرها ، ولبسوا اللباس الغربي، المرتدي به رجال تركيا في ذلك الحين، وأعني به الإسطمبولية، من تحتها القميص المكوي، والصديري والبنطلون؛ وانتشر، مع شيوع هذه الملابس، استعمال الفرش لتفريشها، وقد كانت مكروهة، لكونها مصطنعة من وبر الخنازير؛ وتركوا المز والمركوب، واحتذوا بأحذية غربية، من تحتها الجورابات، فزال، بذلك، فارق كان يميز المسلمين عن غيرهم من بني وطنهم، ليسوا يدينون بدينهم، فإن مزوز المسلمين ومراكيبهم كانت صفراء؛ وأما النصارى واليهود فقد كان الأصل في لون لبسهم - عامة - ومراكيبهم - خاصة - أن يكون أسود، على جواز استعمالهم اللون الأحمر - إذا شاءوا - وأقلع المتمدينون منهم عن عادة حلق رءوسهم، مع إبقاء شوشة في قمتها، كما كانت العادة المتبعة في الأجيال السابقة؛ وأخذوا يعفون عن شواربهم، وقد كانوا يبالغون في قصها، كما لا يزال يفعل بعض المتعممين في أيامنا هذه، لا كما يفعل المقتدون بالإنجليز من حلق طرفي جانبيها وقص الباقي فيها على سواء الشفة؛ وأخذوا يقصون لحاهم على شكل مستدير، كشكل لحية (إسماعيل) في صوره، وتجاوز البعض ذلك؛ فقلدوا الفرنج، وحلقوا لحاهم بالمرة، وقد كان الإعفاء عن اللحى أمرا راسخا في النفوس، لما كان ولا يزال للحية من احترام عند بعض الشرقيين، لا سيما البدو.

وما زلت أذكر اشمئزاز بعض مشايخ من العربان، زرتهم منذ نيف وخمس وعشرين سنة، إذ رأوا في يدي كتاب سيرة نابليون الأول، وعرفتهم من هو، وما كانت أعماله، فتشوقوا إلى رؤية صورته؛ فأريتها لهم، فوجدوه حليقا! كما أني لا أزال أذكر ما قاله لي بعض مبشري الكنيسة الكاثوليكية الرومانية - وكان قد جاب جهات السلط والكرك، في الصحراء السورية - من أن العربان، هناك، لما رأوا بين يديه صورة حبر المسيحية الأكبر وكان في تلك الأيام لاوون الثالث عشر، ووجدوا أن رئيس الدين الذي يدعوهم إليه، رجل حليق الذقن والشارب، نفروا منه نفورا عظيما وانفضوا من حوله.

ولعل هذا هو السبب في أن مبشري الكثلكة ورهبانها، من الغربيين، يعفون عن لحاهم وشواربهم في الشرق، بينا هم يحلقونها بتاتا في الغرب.

ويذكر، للدلالة على احترام مصريي (محمد علي) أنفسهم للحية، أن أحد مشايخ البلاد في الشرقية لكي يكيد رجلا من ناحيته كان قد اختصمه، قيده في عداد المدعوين للجندية، بالرغم من كونه جاوز السن، وجعل مزين الناحية يحلق له لحيته: لأن قانون (محمد علي) العسكري كان يقضي بحلق ذقون الجنود؛ وأرسله إلى المركز ضمن المرسلين إليه لتوقيع الكشف الطبي عليهم، فوجد كلوت بك - وكان هو الطبيب المكلف بالكشف، وهو الراوي لهذه الحكاية - أن الرجل غير لائق للخدمة، لداعي تجاوزه السن، فأمر بتخليته وإعادته إلى بلده، ولكن الرجل أبى إلا أن ينصفه المأمور، أولا، من خصمه، الذي تسبب له بإهانة عظمى بحلق لحيته، فاستحضر ذاك الخصم، وخير الرجل في أمر مجازاته، فطلب أن يعاملوه مثلما عامله، وأن يحلقوا له لحيته مثلما حلق، هو، لحيته، فطفق الشيخ يرجو ويتوسل، ويعرض كل ما يشاء خصمه أن يطلبه من عوض مالي، ويحاول أن يقنعه بأن حلق لحيته لن يجديه نفعا، ولن يعيد لحيته إليه، فأصر الرجل على طلبه، ولولا أن كلوت بك تداخل بينهما، وأقنع الفلاح بقبول عوض مالي جسيم من الشيخ، لما وجد هذا مفرا من جز لحيته، ولاضطر إلى مغادرة بلده، لكيلا يكون موضع سخرية أهلها، كما فعل غريمه، فإنه أقام في ناحية أخرى، ولم يعد إلى قريته إلا بعد أن رجعت لحيته إلى ما كانت عليه.

Page inconnue