Histoire de l'Égypte sous le règne du Khédive Ismaïl Pacha

Élie l'Ayyoubide d. 1346 AH
143

Histoire de l'Égypte sous le règne du Khédive Ismaïl Pacha

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Genres

ولكنه بالرغم من أن تلك المدرسة جعلت داخلية مجانية، وأن البنات استدعيت إليها من جميع طبقات الأمة، بلا تمييز مذهبي أو اجتماعي، وأن الجميع كانوا يعلمون أنهم يرضون ولي النعم بإرسال بناتهم إليها؛ بالرغم من أن المعيشة فيها جعلت هنيئة، فاخرة، كأن المقيمات فيها بنات أرباب قصور من ذات العيش الرغيد؛ وأن المعلمات الخمس عشرة اللاتي اخترن لها، ومنهن الناظرة واثنتان إفرنجيات، كن من خيرة المدرسات، لم يقع في خلد أحد من الأهالي، في بادئ الأمر أن يبعث بابنته إليها، لشدة تسلط الأوهام الموروثة، المقبولة بلا تمحيص كنهها على العقول.

فلم تجد الأميرة عدد التلميذات اللازم لمدرستها، واضطرت إلى أخذ فتيات الجواري البيض من بيتها وبيوت أميرات الأسرة المالكة وأمرائها، وإدخالهن فيها.

غير أن السحر ما لبث أن زال، والغشاوة التي كانت على العيون ما لبثت أن انقشعت فأدرك القوم حقيقة النعمة التي أسديت إليهم، على يد أميرتهم الجليلة الفاضلة من لدن خديوهم الحازم البار بمصالحهم العقلية والقلبية؛ وفقهوا إلى لذة الطعام الأدبي الذي مد (إسماعيل) به المائدة أمامهم، فأقبلوا، من كل ملة ونحلة - أولاد عرب، ونوبيون، وأقباط، ويهود، وشرقيون، من كل الطوائف والأجناس - وتزاحموا ببناتهم، وسنهن من سبع إلى اثنتي عشرة سنة، على أبواب مدرسة السيوفية، ليدخلوهن فيها، فامتلأت بالداخليات المحلات المعدة لهن، وعددها مائتان؛ واضطر الإقبال الإدارة إلى إنشاء مائة محل أخرى - ولكن خارجية - لمن لم يمكن قبولهن في مصاف الداخليات.

فأصدر (إسماعيل)، حينذاك، أمره، إلى إدارة الأوقاف، بإنشاء مدرسة أخرى للبنات على نظام مدرسة السيوفية، فصدعت الإدارة به، وأسست في جهة القربية، المدرسة المرغوب فيها، فتقاطرت إليها الطالبات، لا سيما بنات الوجهاء وموظفي الحكومة ومستخدميها، واكتظت بهن المقاعد، وزادت الطالبات، مئات مئات عن المطلوب، فدل الإقبال على المدرستين، دلالة قاطعة، على سرعة تطور المصري إلى مقتضيات العصر، حينما يأتيه الإيعاز من علي.

وكان التعليم، في كلتا المدرستين - ومدته خمس سنوات - مثله في مدارس أوروبا التي من نوعهما، أي القراءة العربية، والكتابة، والحساب، والرسم، والجغرافيا، والموسيقى، وأشغال الإبرة، والطبخ، والغسيل، والتدبير المنزلي، زيادة على تعلم التركية والفرنساوية، وتلقين القرآن للمسلمات.

ولكن مصروفات التعليم كانت تفوق مثيلاتها في أوروبا؛ لأن المظاهر، هنا، كانت فخمة، سنية كمظاهر كل ما كان يصدر عن (إسماعيل)؛ وأما هناك، فكانت بسيطة، عادية.

غير أن إقبال بنات الوجهاء والكبراء عليهما، ومزاحمتهن بنات الشعب على مائدتيهما، حملا الخديو على الرغبة في تشييد مدرسة ثالثة، تكون من العظمة والبهاء في أقصى درجتيهما ، وتجعل خصيصة بتربية بنات العائلات الرفيعة، والبيوتات السنية، أو المصرية الشريفة، القديمة.

فصدرت إرادته بتشييدها، وبوشر ذلك حالا، وإنك لترى في خريطة القاهرة، المعمولة بمعرفة جران بك سنة 1878، الموقع الذي خصص لإقامة تلك المدرسة عليه.

ولما كانت عزيمة (إسماعيل) قد توطنت على إبطال الرق، نهائيا، كما سنبينه في محله، وكان لا بد من خادمات تقمن بخدمة المنازل، بدل الرقيقات المرغوب في عتقهن - ولم يكن من وجود لتلك الخادمات بين أهل البلاد ومنهم، لعدم استدعاء نظامات القطر الاجتماعية السالفة وجودهن - رأى (إسماعيل) أن ينشئ مدرسة، غير ما ذكر، تعلم فيها بنات ريفيات فقيرات شئون الخدمة المنزلية على أنواعها، فأسسها في العاصمة على نفقة الأميرة زوجته الأولى، وتحت رعايتها السامية، ورعاية وزارة المعارف؛ وعهد بالنظارة عليها إلى سيدة أوروبية، وضع تحت إدارتها ثماني معلمات، منهن واحدة إفرنجية، وأدخل فيها ستا وسبعين طالبة داخلية، وإحدى وسبعين خارجية، فبرزت إلى الوجود، من أحسن المدارس المصرية وأكثرها فائدة - وليت لها من مثيلة في أيامنا!

ومما يستوقف النظر من أمر هذه المدارس، أنه كان يقام فيها يانصيبات على أشغال التلميذات اليدوية، يخصص صافي المتحصل منها بتكوين مال للطالبات الفقيرات، يصرف لهن عند زواجهن!

Page inconnue