Histoire de l'Égypte sous le règne du Khédive Ismaïl Pacha
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Genres
وباتت تلك الحال السيئة نظامية إلى حد أنه أصبح لتلك التحاويل سوق خاصة بها ومعدل خصم جار؛ وكان معدلا يتجاوز حدود الاعتدال، بقدر تجاوز فرص الدفع دائرة الاحتمال؛ أو على قدر ما تتجاوز صعوبات التحصيل حد المألوف.
غير أن ضغط الاحتياج أدى إلى تداول تلك التحاويل تداولا أثرى منه عدة صيارفة بمصر والإسكندرية وغيرهما من البنادر التي كانت مقرا لموظفي الحكومة ومستخدميها.
فلما آل الحكم إلى (إسماعيل)، أمر: (أولا) بصرف جميع المتأخرات، سواء أكانت للمستخدمين والموظفين، أم لرجال الجيش؛ و(ثانيا) بصرف المرتبات لمستحقيها في أوقاتها بانتظام، فاختفت تلك التحاويل من السوق؛ وزالت عن عنق المالية المصرية للمطالبة اللحوحة بسدادها، التي كانت ناشبة أظفارها فيه.
ولما كان إقبال المعامل الغزلية والنسجية الأوروبية على ابتياع القطن المصري بكثرة، بسبب الحرب الأمريكية الأهلية، قد أوجب تحسينا فجائيا في أسعاره، ورفعها رفعا مطردا إلى حد منتظر أو محلوم به؛ ونجم عن غزارة النقود في البلد، أن التوازن بين قيمتها وقيمات مواد الغذاء والترف، أصبح مختلا اختلالا جسيما - كما هي الحال في أيامنا هذه بسبب الحرب العالمية واحتياج السلطة العسكرية إلى محصولات البلاد وأيدي العملة - أمر (إسماعيل) بزيادة رواتب موظفي حكومته، ولا سيما كبارهم، زيادة مناسبة، تساعدهم على حفظ كرامتهم، وتحول دون تدنيهم إلى المال الحرام.
8
فاكتسب بهذين العملين ثقتهم بحكومته وولاءهم لشخصه.
ولعلمه أنه لا يستطيع الاستمرار على دفع المرتبات في حينها، فضلا عن دفع العلاوات التي جاد بها، إلا إذا كانت خزينة المالية ممتلئة دائما؛ ولعلمه أن لا شيء يملؤها أكثر من توسيع موارد إيراداتها؛ وأنه لا سبيل إلى ذلك التوسيع إلا بإنماء مساحة أرض القطر الصالحة للزراعة وتنويع مزروعاتها، وإنماء تجارة البلاد وتكبير دائرة العمل فيها، أقدم على ذلك جميعه بما سبق لنا بيانه من الهمة والنتائج، ونجم عن إقدامه هذا أنه بينما كانت إيرادات الحكومة في سنة 1835 مليونين وستمائة ألف جنيه، وفي سنة 1862 أربعة ملايين وتسعمائة وتسعة وعشرين ألف جنيه، يقابلها مصروف قدره مليونان وثلاثمائة جنيه، في سنة 1835 - أي: باقتصاد ثلاثمائة ألف جنيه، وأربعة ملايين وثلاثمائة وثلاثون ألف جنيه، في سنة 1862 - أي: باقتصاد نحو ستمائة ألف جنيه - أصبحت إيراداتها، في سنة 1876، عشرة ملايين وسبعمائة واثنين وسبعين ألفا وستمائة وأحد عشر جنيها، تقابلها مصروفات قدرها ثمانية ملايين وتسعمائة وواحد وثمانون ألفا وثمانمائة واثنان وخمسون جنيها - أي باقتصاد ما يقرب من مليوني جنيه، وذلك بعد دفع الفوائد المطلوبة على الديون المسجلة وستمائة وخمسة وثمانين ألفا وثلاثمائة وثمانية عشر جنيها، مقدار الجزية السنوية للأستانة.
وإنما نذكر سنة 1876؛ لأنها السنة الأخيرة من حكم (إسماعيل) وهو مستقل عن كل رقابة أوروبية، ولأن عظمته بلغت أوجها فيها.
ومصادر تلك الإيرادات: الأموال، والرسوم، والسكك الحديدية، ومختلفات.
أما الأموال، فأربعة ملايين وثلاثمائة ألف جنيه وخمسة آلاف جنيه من الأطيان الزراعية، ومساحتها أربعة ملايين وثمانمائة وخمسة آلاف وثمانمائة وسبعة أفدنة بين خراجية وعشورية؛ و189000 جنيه من النخيل وعدده 4467000 نخلة و422000 جنيه من الرخص الحرفية.
Page inconnue