عالم الشهادة فهو بهيمة بعدُ، محروم عن خاصية الإنسان؛ بل أضل من البهيمة إذا لم تسعد البهيمة بأجنحة الطيران إلى هذا العالم. ولذلك قال الله تعالى: ﴿أولائك كالأنعام بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾ .
واعلم أن الشهادة بالإضافة إلى عالم الملكوت كالقشر بالإضافة إلى اللب، وكالصورة والقالب بالإضافة إلى الروح، وكالظلمة بالإضافة إلى النور، وكالسّفل بالإضافة إلى العلو. ولذلك يسمى عالم الملكوت العالم العلوى والعالم الروحانى والعالم النورانى. وفي مقابلته السفلى والجسمانى والظلمانى.
ولا تظن أنّا نعنى بالعالم العلوى السماوات فإنها علو وفوق في حق عالم الشهادة والحس، ويشارك في إدراكه البهائم. وأما العبد فلا يفتح له باب الملكوت ولا يصير ملكوتيًا إلا (و٦ـ ا) ويبدل في حقه الأرض غير الأرض والسماوات فيصير كل داخل تحت الحس والخيال أرضه ومن جملة السماوات، وكل ما ارتفع عن الحس فسماؤه. وهذا هو المعراج الأول لكل سالك ابتدأ سفره إلى قرب الحضرة الربوبية. فالإنسان مردود إلى أسفل السافلين، ومنه يترقي إلى العالم الأعلى. وأما الملائكة فإنهم جملة عالم الملكوت عاكفون في حضرة القدوس، ومنها يشرفون إلى العالم
1 / 50