تصدير عام
١- نحن في أمسّ الحاجة إلى نشر علمى دقيق لأصول تراثنا العربى القديم، فإنه عن طريق هذا النوع من النشر تحيا النصوص وتستبين، ويسهل على المشتغلين بموضاعاتها قراءتها والإفادة منها. وليس أجدى على الباحث من أن تكون بين يديه الوثائق الأولى مضبوطة محققة خالية من شوائب التحريف والتصحيف.
وقد ابتليت كتبنا القديمة بأن قام على نشر الكثير منها والإشراف على إخراجها ناشرون من غير العلماء المتخصصين، لا همّ لهم سوى جنى الربح المادى من طبعها. ونحن نعانى من نشراتهم ما نعانى من أخطاء مطبعية ولغوية، ونقص في النصوص هنا وزيادة هناك، وخلو تام من التحقيق والتعليق والتفسير والفهارس العلمية بشتى أنواعها. وكثيرًا ما نقف من نص من النصوص حيارى مكتوفي الأيدى لا نفهم له معنى ولا نستطيع له توجيهًا، أو نوجهه توجيهًا خاطئًا لم يخطر للمؤلف ببال، لا لسبب سوى أن في النص تحريفًا أو نقصًا أو إضافة من ناسخ، أو خلطًا بين متن النص وشرح وضع عليه. ويكفى أن يسقط حرف النفى "لا" من جملة من الجمل، أو توضع كلمة "إذ" بدلًا من "إذا" أو العكس، أو تكتب كلمة "العارفين" بدلًا من "العراقيين" أو نحو ذلك من التحريفات، لكى يضطرب النص ويفسد معناه؛ وكثيرًا ما يؤدى بالباحث إلى فهم خاطئ قد يفضى إلى رأى باطل أو نظرية لا أساس لها.
ولا يختلف حظ رسالة "مشكاة الأنوار" التى ننشرها اليوم كثيرًا عن حظ غيرها من الكتب التى نشرت على النحو غير العلمى الذى أشرنا إليه. فقد طبعت في مصر عدة طبعات: سنة ١٣٢٢ هـ، ١٣٢٥ هـ، ١٩٢٩ م،
1 / 1