الفصل الثالث
طبائع وعادات البربر (تابع)
تبنى المنازل في القرى الصغيرة أو في الأكفار بالأخشاب والقصب بربط بعضه في بعض ولكل منزل أربعة أوجه، وتفرش أرضه بنفس مادة البناء ثم يحصن الكل بخليط من الطين وخثي البقر لمنع المياه من التسرب وعلى السطح يزرع نوع من العشب يسمى الديس. ولا يزيد إرتفاع هذا البناء عن قامة رجل. ثم إن الأهالي يجمعون الحشائش وأوراق الأشجار فيدخرونها لتغذية الحيوانات عندما يسقط الثلح، وتأوي هذه المساكن في نفس الوقت النعجة، والمعزة، والبغل والدواجن، والكلاب والرجال والنساء والأطفال، كلهم يعيشون منكسين في مكان واحد. وعندما تشعل النار للتسخين، فإن الأوخام التي تنشرما هذه الكائنات بالإضافة إلى الدخان الذي لا مخرج له تشكل ضبابا كثيفا وغير صحي وبما أنني لم أتعود هذا النمط من الحياة فإنه كان من المستحيل علي أثناء رحلتي إلى قسنطينة أن أتحمل العيش داخل هذه المساكن التي كنت أفضل النوم في الهواء الطلق على المبيت وسط سفينة نوح هذه.
ولقد اضطر صاحب المسكن الذي نزلت عنده إلى الخروج معي يحميني ويحمي حيواناتي ضد غارات اللصوص واعتداء الحيوانات المتوحشة لأن الأسود
1 / 27