وقال بعض الحكماء: العاقل من عقله في ازدياد، ورأيه في امتداد؛ فقوله سديد، وفعله حميد، والجاهل قوله سقيم، وفعله دميم فمن صرف عقله إلى الدهاء والمكر والشر، والخداع والحيل - كالحجاج وزياد، وأشباههم - فعقولهم مذمومة.
وقال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): لست بالخب، والخب لا يخدعني، وقال المغيرة: كان - والله - عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أفضل وأعقل من أن يخدع، وقيل: أمر عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أبا موسى الأشعرى أن يعزل زيادا عن ولايته، فقال زياد: أعن موجدة أو خيانة يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا (ما من) واحدة منهما؛ ولكن كرهت أن أحمل على الناس فضل عقلك.
فصل:
وقيل: إن القلب له ثلاث تجويفات: إحداهن في أغلاه فيما غلظ منه، وهو نور يسطع، وهو محل الإيمان والإسلام، والقوة الناطقة في الإنسان، والقوة المدبرة لمعاني الإرادة المنبعثة من النفس.
والثانية: في وسط القلب، وهو محل التفكير والتذكير، وهو نور ساطع، وهو محل السكينة، والخيال الذي تلقيه الروح.
والثالثة: في آخره، وهي محل الرقة، واللطف، ويعبر عنه بالفؤاد، وهو محل العقل، والنور، والتصرف، وميزان العقل، ولطائف الحكم، وهو محل الحب، والحياة الطبيعية من الحرارة اللطيفة.
ولهذا الفؤاد عين نورانية بها تدرك حقائق الأمور، وأسرار الأشياء الخفية عن العيون، وأسرار العلوم وتلك [هي] البصيرة التي ينظر بها أهل البصائر، قال الله تعالي: " فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور".
وفي التجويف الوسط: يكون محل العشق، وبه ينبعث الجد والطلب، والشوق إلى درك المطلوب، وهو أسرع تعلقا بالأشخاص المزينة، وبها يقع الاستحسان للمستحسنات وضد ذلك.
وقيل: إن أرواح الوحي في كتاب الله ثلاثة:
الروح الأمين، وروح القدس، وروح الأمر.
Page 52