وجعل الله العلماء حجة في الأرض بينه وبين عباده، وأمرهم أن يقبلوا قولهم، ويهتدوا بهداهم، فقال جل وعلا: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" وكان عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) يقول: بأبي وأمي العلماء؛ بروح الله انقلبتم، وكتاب الله تلوتم، ومساجد الله عمرتهم، ومن رحمة الله استكثرتم، العلماء منار البلاد، وغيث العباد.
وقيل: خمس من طبائع العلماء: لا يأسون على ما فاتهم، ولا يحزنون على ما أصابهم، ولا يرجون ما لا يجوز لهم فيه الرجاء، ولا يشغلون عند الشدة، ولا يبطرون عقد الرخا.
وقال النبي (صلي الله عليه وسلم): أتدرون ما قال جبريل (عليه السلام)؟ قالوا: لا. قال: قال: "يا محمد لا تحقرن عبدا آتاه الله علما؛ فإن الله لم يحقره حين علمه، إن الله جامع العلماء في بقيع واحد، وصعيد واحد؛ فيقول الله عز وجل: يا عبادي: إني ما استودعتكم علمي إلا لخير أردته بكم؛ أشهدوا أني غفرت لكم على ما كان منكم".
وقيل: الغرباء في الأرض ثلاثة: مصحف معلق لا يقرأ فيه، وقرآن في قلب فاسق لا يعمل به، ومسجد بين ظهراني قوم لا يصلون فيه، وعالم بين جهال لا يسألونه، ويتلاعبون به. وفي الحديث: إن مثل العالم كالعين الحرارة يستقي منها ولا تنزح.
فصل:
وقيل: العلماء ثلاثة: عالم لنفسه ولغيره، وهو أفضلهم، وعالم لنفسه فحسن، وعالم لا لنفسه ولا لغيره؛ فهو أشر القوم، ويقال: عالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح؛ لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلووا إلى ركن وثيق (الهمج هم أردال الناس) ، وقيل: عالم بالله، وبأمر الله؛ وهو الذي يخشى الله ويعلم الحدود، وعالم بالله ليس عالما بأمر الله، وهو الذي يخشى الله، ولا يعلم الحدود؛ وعالم بأمر الله ليس عالما بالله؛ فهو الذي يعلم الحدود، ولا يخشى الله.
Page 30