104

Minhaj Talibin

منهج الطالبين

Genres

قال: ولا يجوز لأحد أن يدل المستفتي علي غير الولي العالم الورع، وسئل عن المفتي: هل له أن يخبر المستفتي بالأراء، ليختار منها المستفتي ما أراد؟ وهل يجب عليه ذلك؟ فقال: المفتي إذا كان مخبرا بالمستفتي- أخبره بالاختلاف، وإن كان مفتيا لمن استفتاه- لم يفته إلا بما يقول هو به مما يراه عدلا عنده، وإن أخبر المفتي المستفتي بالاختلاف، ونقل له عمن لا يعرفه المستفتي- لم يأخذ بقول الرافع، ولو كان ثقة ضابطا للنقل من أهل الرأي، ولكن ينظر في فتيا المرفوع عنه، فإن كان ممن يؤخذ بفتياه، أو برفيعته- أخذ بذلك، وإن كان ممن لا يجوز منه ذلك- لم يأخذ بقوله، حتى يعرف عدل ذلك القول.

وإن قال المفتي: قد قالوا في هذه المسألة كذا، وكذا- [ف] إن هذا ليس بفتيا، وقول يجوز الأخذ بذلك، وإن قال: قد قال فيها المسلمون: كذا، وكذا- فجائز الأخذ له بذلك.

وإن قال المفتي للمستفتي: لا تأخذ بقولي- لم يجز [له] الأخذ بقوله، لأنه حجز عليه، إلا أن يعلم المستفتي أن ذلك حق قد أبصر عدله من الكتاب، والسنة، فعليه العمل بالحق، ولا يلتفت إليه.

وقيل: في رجل متعلم من ضعفاء المسلمين، يحفظ في مسألة قولين من أقاويل المسلمين، فابتلي بعمل هذه المسألةن وهو لا يعرف عدل أقاويلهم، فأخذ بأحد أقاويلهم- جاز له ذلك.

وقد كان مثل هذا بحضرة الشيخ- فقال: علي هذا أن يجتهد، كما يجتهد جابر بن زيد (رحمه الله) وينظر لنفسه.

وإن علم أن الحق في أحد أقاويلهم، فأخذ من قولهم بخلاف ما يراه عدلا- لم يجز له أن يعمل بخلاف الحق، ويضمن ما فيه الضمان.

وإن أفتي بخلاف الحق، وهو يري [أن] الحق غيره، فقد قالوا: إنه يضمن، إذا كان لا يعرف أن غير ذلك هو الأعدل، فأخذ به [علي] أنه الحق عنده، لأن الفروع يجوز فيها الأختلاف، ويمكن أن يكون الذي عمل- أعدل من الذي رأي هو أن يكون أعدل، ويكون الذي عمل به صوابا، ولا يضمن، ولا يأثم، لأنه قد أخذ بقول من أقاويل المسلمين فيما قالوا به.

Page 107