============================================================
63 1 ريع العبادات ( كتاب العلم بعلم خفي قبل الفراغ من الجلي، ويمنعه من التصدي لرتبة قبل استحقاقها، وينبهه على أن المطلوب من العلوم القرب من الله تعالى دون الرياسة والمباهاة، ويقدم تقبيح ذلك في نفسه، وذلك يبين له بما يطلبه المتعلم من العلم، مثل علوم الجدل والكلام، فإن رآه يتعلم التفسير والحديث والمواعظ وعلم أن قضده بذلك الدنيا لم يمنغه من التعلم، ولكنه يدرج له النصيحة وينبهه عليها؛ لأن فيما يتعلمه صادا عن ذلك القصد الفاسد.
وقد رؤي سفيان الثوري يوما حزينا، فقيل له: ما لك؟ فقال: صرنا متجرا لأبناء الدنيا، يلزمنا أحدهم، فإذا تعلم جعل عاملا(1) أو قاضيا .
الوظيفة الرابعة: وهي من دقائق التعليم، أن يزجر المتعلم عن سوء الأخلاق، بطريق التعريض مهما أمكن، لا على وجه التوبيخ، فإن التصريح يهتك حجاب الهيبة، ويورث الجرأة على الهجوم بالخلاف، والتعريض يحرك الذهن إلى استنباط معاني ذلك: الوظيفة الخامسة: أن المتكفل ببعض العلوم، لا ينبغي أن يقبح في نفس المتعلم العلوم التي وراء علمه، كمعلم اللغة، فإنه لا يجوز أن يقبح علم الفقه، ومعلم الفقه لا يجوز أن يقبح التشاغل بالحديث، بل ينبغي أن يوسع على المتعلم طريق التعلم(2) من غيره (3) ما لا يعرفه، وإن كان هو كافلا بكثير من العلوم، درج المتعلم من رتبة إلى رتبة.
الوظيفة السادسة: أن ينظر في فهم المتعلم ومقدار عقله، فلا يلقي إليه ما لا يدركه فهمه، ولا يحيط به عقله، فقد روي عن النبي أنه قال: "أمرنا أن نكلم الناس على قذر عقولهم"(2).
(1) أي: واليا.
(2) في (ظ): "التعليم".
(3) في (ظ): ل"غير".
(4) حديث ضعيف، وانظر "كشف الخفاءه (592)، واتخريج أحاديث الإحياء": (332). وقد
Page 63