316

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

ومنها: قوله: {وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا}.

والجواب: لا بد من ترك ظاهرها لاقتضائه أن يكون القرآن هو الفاعل لذلك، وعند الخصم أن المتولي لذلك هو الله، ولا فائدة في القرآن والمعنى أنه كثر طغيانهم عند سماعه وازدادوا عتوا وكفرا وتكبرا عن اتباع الحق، لا يقال ما زادتك موعظتي إلا إصرارا، وكقوله تعالى: {فلم يزدهم دعائي إلا فرارا}، أي ما أرادوا عنده إلا فرارا ونحوه، {فما زادهم إلا نفورا}، وكقوله تعالى: {رب إنهن أظللن كثيرا من الناس} أي ضل عندهن، وأشباه ذلك.

ومنها قوله: {فلما أتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم}

والجواب: من أين لهم أن الله الذي أعقبهم نفاقا وهو المتنازع، وعندنا أن الضمير في قوله: {فاعقبهم} عائد إلى التولي والإعراض والبخل؛ لأنه أقرب المذكورين؛ ولأن في إضافته إلى الله نقضا لمحكم الكتاب وأدلة العقل.

ومنها: قوله: {أضحك وأبكي} والضحك والبكاء قد يقعان معصية.

والجواب: أما البكاء فهو من فعل الله، ولا يصح كونه معصية، ولهذا لا يذم العقلاء، ولا أهل الشرع من بدرة البكاء، وكذلك الضحك حيث يقع من دون اختيار، وحيث يقع بالاختيار، فقد تكون طاعة، وقد يكون معصية، والمراد بقوله: {أضحك وأبكى} أنه فعل ما عنده يقع الضحك كما يقول أضحكني زيد /212/ أي فعل ما لأجله ضحكت، وليس في الآية أنه خلق الضحك، ويجوز أن يكون المراد خلقه خلقه يتمكن معها من الضحك، ولهذا يختص بذلك من بين سائر الحيوانات.

ومنها قوله: {صراط الذين أنعمت عليهم} لأن المراد أنعمت عليهم بالإيمان.

والجواب: هب أنه كذلك، فلسنا نمنع القول بأن الله أنعم بالإيمان، ولكن بمعنى أن الله قدر عليه ولطف فيه، ووفق فيه، ويجوز أن يكون المراد: الذين أنعمت عليهم بالنصر الذي آتيتهم وحسن الثناء عليهم وإنجاز ما وعدتهم ونحو ذلك.

Page 322