Minhaj Muttaqin
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
Genres
وأما الصابؤون فزعموا أن للعالم صانعا واحدا لكنه خلق الأفلاك حية قادرة عالمة وجعلها إلهه، فعبدوها وعظموها وسموها المليكة وجعلوا بيوت العبادات بعدة الأفلاك السبعة وزعموا أن بيت الله الحرام هو بيت زحل وأنكروا الآخرة، وفيهم قائلون بالتناسخ، وزعموا أن لهم أنبياء، وأنهم على دين شيث.
وأما النصارى اتفقوا على أن الله جوهر واحد ثلاثة أقانيم أقنوم الأب وهو الذات، وقيل الوجود وهو متقارب؛ لأن الوجود عندهم هو الذات، وأقنوم الابن وهو الكلمة، وقيل العلم، وأقنوم روح القدس، وهو الحياة، واتفقوا على أنه لم يزل الأب أبا والابن ابنا، وروح القدس قابضة بينهما، وأن البنوة لا على جهة التناسل بل هي كتولد الحر من النار والضياء من الشمس.
ثم اختلفوا في الأقانيم فقيل: هي الجوهر وهو هي وقيل الجوهر واحد ذو ثلاثة أقانيم، فهي هو وليس هو هي بل غيرها، ثم اختلفوا من وجه، فقال بعضهم: متفقة في الجوهرية مختلفة في الأقنومية.
وقال آخرون: لا نطلق عليها كونها مختلفة، ثم اختلفوا في تغايرها، فقال به الأقل ومنعه جمهورهم، ثم اختلفوا في جواز انفراد بعضها عن بعض واستقلاله، فأجازه الأقل ومنعه جمهورهم، ثم اختلفوا في تسميتها، فقيل: أشخاص، وقيل: أعراض، وقيل صفات.
واتفقوا على اتحاد الكلمة التي يسمونها اللاهوت بجسد عيسى التي يسمونه الناسوت. ثم اختلفوا في كيفية اتحاده فقالت /164/ اليعقوبية: مازجه ممازجة الدهن للسمسم، والنار للحطب، فصار المسيح جوهرا من جوهرين لاهوت وناسوت، وقالت النسطورية: أدزعة وحصل معه على جهة المحاورة كالشمس على الجدار فالمسيح عندهم جوهران على الحقيقة، وحكى عنهم السيد في شرح الأصول أنهما اتحدا في المشيئة، وقالت الملكية(1) اتحدت الكلمة بمعنى الإنسانية المتصورة في الذهن لا بالشخص، وقالت فرقة منهم: معنى الاتحاد أن الكلمة ظهرت على الجسد كالصورة في المرآة.
Page 247