لأن غيث الجود ليس مقابلا لزين الدنيا من طريق المقابلة ولا التضاد.
ي- مأم من المذهب المستشرقة بالمعلم المتقدم أيضًا وهو التقسيم
والتقسيم ضروب. فمن ذلك تعديد أشياء ينقسم إليها شيء لا يمكن انقسامه إلى أكثر منها، ومنها تعديد أشياء تكون لازمة عن شيء على سبيل الاجتماع أو التعاقب، ومنها تعديد أشياء تتقاسمها أشياء لا يصلح أن ينسب منها شيء إلا إلى ما نسب غليه من الأشياء المتقاسمة، ومنها تعديد أجزاء من شيء تتقاسمها أشياء أو أجزاء من شيء وتكون الأجزاء المعدودة إما جملة أجزاء الشيء أو أشهر أجزائه وأليقها بغرض الكلام، ويكون كل جزء منها لا يصلح أن ينسب إلى غير ما نسب غليه بالنظر إلى صحة المعنى، ومنها تعديد أشياء محمودة أو مذمومة من شيء متفقة في الشهرة والتناسب.
١- إضاءة: فما ركب من هذا القسم الأخير وما قبله مما ليس انقسامه إلى ما قسم غليه ضروريا لا تمكن الزيادة عليه ولا النقص منه، فإنه يسمى تقسيما على التسامح، ويسمى أيضًا تقطيعا. وما ركب من القسام المتقدمة فإنه التقسيم الصحيح.
٢- تنوير: وينبغي أن يتحرز في القسمة من وقوع النقص فيها أو التداخل أو وقوع الأمرين فيها معا. فإن ذلك مما يعيب المعاني ويسلب بهجتها ويزيل طلاوتها. كما أن القسمة إذا تمت وسلمت من الخلل الداخل فيها من حيث ذكر وطابق حسن تركيب العبارة فيها حسن ترتيب المعاني كان الكلام بذلك أنيق الديباجة قسيم الرواء والهيئة.
واستقصاء الكلام في ما أشرت غليه من أنحاء القسمة وتفصيل القول في تمثيل ما رسمناه في ذلك محوج إلى إطالة تخرج عن الغرض المقصود في هذا الكتاب. وقد تقدم التعريف بذلك، ولكني سألمع بأمثلة يسيرة من القسمة الصحيحة وما وقع فيه من ذلك عند التكلم في ما تكون عليه المعاني من كمال أو نقص. فليتصفح ذلك في المنهج الرابع، من هذا القسم، إن شاء الله تعالى.
يا- مأم من المذاهب المستشرقة بما تقدم أيضا، وهو مذهب التفسير.
والتفسير أيضًا أنواع. فمنه تفسير الإيضاح وهو إرداف معنى فيه إبهام ما بمعنى مماثل له غلا أنه أوضح منه. ومن ذلك قول أبي الطيب: (الطويل -ق- المتدارك)
ذكي تظنيه طليعة عينه ... يرى قلبه في يومه ما ترى غدا
ومنه تفسير التعليل نحو قول أبي الحسن مهيار ابن مرزويه: (الطويل -ق- المتدارك)
بكيت على الوادي فحرمت ماءه ... وكيف يحل الماء أكثره دم
ومنه تفسير السبب نحو قوله: (الطويل -ق- المتدارك)
يرجى ويتقى ... يرجى الحيا منه وتخشى الصواعق
ومنه تفسير الغاية، ومنه تفسير التضمن نحو قول ابن الرومي: (الطويل -ق- المترادف)
خبره بالداء، واسأله بحيلته ... تخبر وتسأل أخا فهم وإفهام
ومنه تفسير الإجمال والتفصيل كقول بعضهم: (الطويل -ق- المترادف)
أذكى وأخمد للعداوة والقرى ... نارين: نار وغى، ونار زناد
١- إضاءة: ويجب أن يتحرى في التفسير مطابقة المفسر المفسر وأن يتحرز في ذلك من نقص المفسر عما يحتاج إليه في إيضاح المعنى المفسر، أو أن تكون في ذلك زيادة لا تليق بالغرض، أو أن يكون في المفسر زيغ عن سنن المعنى المفسر وعدول عن طريقه حتى يكون غير مناسب له ولو من بعض أنحائه، بل يجهد في أن يكون وفقه من جميع الأنحاء.
٢- تنوير: ومما جاء من التفسير غير وفق للمعنى المفسر قول بعضهم: (الطويل -ق- المتدارك)
فيا أيها الحيران في ظلم الدجى ... ومن خاف أن يلقاه بغي من العدا
تعال غليه تلق من نور وجهه ضياء، ومن كفيه بحرا من الندى
فمقابلة ما في عجز البيت الأول بما في عجز الثاني غير صحيحة. والتسامح في إيراد التفسير على مثل هذا مخل بوضع المعاني ومذهب لطلاوة الكلام، فينبغي أن يتحرز منه وألا يتسامح في مثله.
يب_ مأم من المذاهب المستشرقة بالمعلم المتقدم أيضًا وهو مذهب التفريع
وهو أن يصف الشاعر شيئا بوصف ما. ثم يلتفت على شيء آخر يوصف بصفة مماثلة، أو مشابهة، أو مخالفة لما وصف به الأول، فيستدرج من أحدهما إلى الآخر، ويستطرد به غليه على جهة تشبيه أو مفاضلة أو التفات أو غير ذلك مما يناسب به بين بعض المعاني وبعض، فيكون ذكر الثاني كالفرع عن ذكر الأول. ومن ذلك قول الكميت: (البسيط -ق- المتراكب)
1 / 17