280

Minhaj al-Talibin wa-Balagh al-Raghibin

منهج الطالبين وبلاغ الراغبين

ويجوز أن يقال: لم يزل الله مالكا للأشياء، لأنه قادر عليها، فلما كان قادرا علي ما لم يوجد- كان مالكا، وقد بين الله ذلك في كتابه، فقال عز وجل:" مالك يوم الدين" ويوم الدين لم يوجد، وقد أخبر الله عز وجل أنه مالك له: إذ كان قادرا عليه، ويقال[إن] أنه لم يزل مالكا- يراد به إثبات الملك والقدرة علي الأشياء.

وقيل: إن الدنيا يملكها الله أقواما بالتشبيه، لا على الحقيقة، والآخرة لا يملكها إلا الله، فلا يملك ذلك اليوم غيره خص بذلك.

الحكيم:

فعيل بمعني مفعل بكسر العين، وسمي الله نفسه حكيما؛ لأنه أحكم ما خلق، فلم يفته شيء، ولم يكن في ملكه خلل سبحانه وتعالي.

والحكيم صفة ذات، وصفة فعل، فالذات بمعني العليم، وصفة العلم الحكمة؛ لأن أفعاله محكمة. ويجوز أن يقال: لم يزل الله حكيما؛ بمعني لم يزل عليما؛ لأن الحكيم يستحق الصفة لعلمه بالأشياء، وقد يستحق ذلك أيضا لفعله، و الأفعال محكمة متقنة لا تفاوت فيها، فوجب أن يوصف بأنه لم يزل حكيما بمعني لم يزل عالما، ولا يجوز أن يوصف بأنه لم يزل حكيما على أنه فعل أفعالا محكمة متقنة؛ لأن هذا من صفاته الفعلية.

فإن قال قائل: لم زعمتم أن العلم حكمة؟ قيل: إن هذا في اللغة مشهور؛ فالعالم عند أهل اللغة يسمي حكيما، ويدل عليه قوله عز وجل: " يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا "، وقال تعالي: " وآتاه الله الملك " يعني: العلم، والكتاب، وإنما يسمي الكتاب حكمة؛ لأن العباد يعلمون به، وأصل الحكمة: المنع. تقول العرب: حكمت اليتيم عن الفساد؛ إذا منعته، وقيل للحلقة من الحديد المتعرض في فم الدابة حكمة اللجام، لأنها تمنع الدابة عن الاعوجاج. والله أعلم.

الواسع:

Page 283