255

Minhaj al-Talibin wa-Balagh al-Raghibin

منهج الطالبين وبلاغ الراغبين

قال: فما العرش؟ قال: الآن سألتني عن الخلق. إن العرش خلق من الله فوق السماء الساعبة بلاء، واختبارا يختبر به ملائكته، وجعله الله موضع التسبيح، والتحميد، والثناء، والمدح، والشكر، والبهاء، والسناء، وعبادة الخلق.

وأمر الملائكة تحمله، والحفوف حوله، فمنها عظموا من أمر العرش، فالله يعظمون لا غيره بحمده، والحقوف حوله، والله له المثل الأعلى؛ لا يحتاج إلى العرش؛ للاستقرار، وإن كان سمي عرش الله، نظير ذلك عندكم في الأرض، بت الله الحرام، موضع الحج فيه، كلف الله أهل الأرض أن يطوفوا بالبيت طوافا، وتمسحا، وتقبيلا للحجر، وتولية الوجوه شطره فمنها عظموا من أمر البيت فالله يعظمون، لا غيره، الله لا يحتاج إلى ذلك البيت فيسكنه، وإن كان سمي بيتا لله.

ولو كان الله كما ذهب إليه وهمك لكان محمولا ممسوكا محتاجا؛ وذلك؛ لأن الممسك يحتاج الدهر كله إلى ممسك، ولا حاجة بالممسك إلى ممسك نظير ذلك. قوله تعالي " إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا ".

إن الله ممسك السموات، والأرض بما فيهما من الخلق، عرشا، أو كرسيا، أو بيتا، فقال الأعرابي: شفيتني، وفرجت على غمي فرج الله عنك غمك.

Page 258