أسباب اختياري للموضوع:
لقد كان من أبرز أسباب اختياري للموضوع، ما كان يستوقفني كثيرًا عند قراءتي في كتاب الإنصاف، حين يسوق روايات المذهب الحنبلي، بأن هذه الرواية أو هذا القول أو الوجه من مفردات المذهب.
ولما كنت أعرف انتماء أحمد إلى مدرسة أهل الحديث، وتتلمذه على الشافعي الذي درس على الإمامين مالك ومحمَّد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة، فقد كنت استكثر هذه المفردات وأفكر في ثبوتها عن الإمام.
ولقد نشأ في نفسي محبة الاطلاع على المفردات ومعرفة مستند أحمد في كل مسألة، وهل مذهبه فيها راجح أو مرجوح، وما موقف محققي مذهبه الذين جمعوا -كإمامهم- بين الفقه والحديث، وسلكوا نهجه في تحري السنة الثابتة عن الرسول ﷺ.
ولقد علمت أن الشيخ محمَّد بن علي بن عبد الرحمن المقدسي المتوفى سنة ٨٢٠ هـ قد جمع ما انفرد به أحمد في صحيح مذهبه المشهور عن الأئمة الثلاثة في كتاب سماه "النظم المفيد الأحمد في مفردات الإمام أحمد"، وشرحه شيخ المذهب في عصره، العلامة منصور بن يونس البهوتي سنة ١٠٥١ هـ ولقد رأيت هذا الشرح مطبوعًا سنة ١٣٤٤ هـ طباعة سيئة فيها بياض كثير وتصحيف وتحريف. كما وجدت مسائل كثيرة مما عده الناظم من المفردات -وسلم له الشارح ذلك- قد نص عليها أئمة المذاهب الأخرى، وهي موجودة في كتب مذاهبهم المتداولة الآن بين أيدي طلبة العلم في المكتبات العامة.
لذلك رأيت أن أسهم في هذا المجال بخدمة هذا الكتاب الذي احتوى على الخرائد الفريدة في الفقه الحنبلي، وذلك بتحقيق عبارته وإلقاء الأضواء على حياة مؤلفه، وآثاره العلمية، ومنهجه في الكتاب، وتتبع المسائل المفردة في الكتاب في مظانها من كتب الفقه في المذاهب الأخرى، وأسجل ما أجده مما وافق فيه أحد الأئمة الثلاثة أحمد، مما يدلّ على عدم الانفراد.
ورأيت تتميمًا للفائدة أن أسجل رأي شيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن
1 / 8